محمد بن عبدالله المشوح - عكاظ السعودية الحديث عن اللجان القضائية المتشعبة والمتولدة يوما بعد يوم يظهِر لنا بوضوح الحاجة للتعجيل بلم شتات هذا الكم المتناثر من اللجان القضائية في أكثر من عشرين جهة حكومية ، وهي في الحقيقة تمارس سلطات قضائية كبرى بعيدا عن المؤسسة القضائية الرسمية والمعنية بالتنظيم القضائي ، ولعل من باب التذكير أن من أول المطالبات التي نادى بها كثير من المهنيين فور إعلان خادم الحرمين الشريفين عن مشروع الملك عبد الله لتطوير القضاء ، بأن يتم النظر فورا في واقع هذه اللجان القضائية وإعادة التهيئة اللازمة لدمجها في المنظومة القضائية. ذلك لأننا أصبحنا لن نفاجأ يوما تلو الآخر بقيام أي جهة حكومية أو وزارة أو منشأة معنية بإنشاء لجنة قضائية يتم العهد بها إلى أحد أفراد الوزارة أو المتعاونين معها. ومن أواخر تلك اللجان القضائية والقانونية التي أثارت جدلا واسعا في الآونة الأخيرة هي تلك اللجان القضائية والقانونية والتي انبثقت عن الرئاسة العامة لرعاية الشباب والتي تدخل ابتداء تحت مظلة القضاء الإداري. وقد فاجأنا الأخ ماجد قاروب بتصريحاته الجديدة والتي انقلب فيها حتى على بعض مبادئه وتصريحاته الكثيرة والتي كنا نسمعها منه في اجتماعاتنا وملتقياتنا كمحامين ، وطالما سمعنا منه الإلحاح على ضرورة لم شتات المنظومة القضائية لكن لا أدري ما الذي جعله في لحظة يتخلى عن تلك النداءات مع علمه أن هذه اللجان التي اندرج تحت مسماها لا تحمل الصفة القضائية المحضة وذلك أن مثل هذه اللجان لا يمكن أن تمارس دورها الصحيح إلا بعد صدور مرسوم ملكي خاص بذلك ، ولا أدري ما الذي أودى به أن يقفز بعيدا ويحجر على المتخاصمين رفع دعاواهم إلى الجهات القضائية الأخرى البعيدة عن يده وأنامله مع علمه أن هذه اللجان لا تعدو كونها إجراء إداريا لا يرتقي إلى كونه محكمة رياضية وما يليها من استئناف ، كما أنها لا تحظى بالرقابة القضائية الإدارية من قبل الجهة ذات الاختصاص من القضاء الإداري المتمثل بديوان المظالم. وأن هذا الجدل الدائر حول ماهية هذه اللجان ومن أين تستمد سلطتها وصلاحياتها هو امتداد للجدل الدائر حول لجان أخرى طالها النقاش مثل لجنة تسوية المنازعات المصرفية واللجان الجمركية والمالية وغيرها. ولقد كنا نأمل من الأخ قاروب وهو يتحدث بصوت المحامي والممارس لدور الحقوقي أن لا يصل إلى مرحلة التخاذل والانقلاب على المبادئ التي اتفقنا كمحامين أن نسعى إليها وهي أن نكون عونا للقضاء وشركاء في تحقيق العدالة نحافظ على مبادئ مهنتنا الشريفة. ولا زلت أعتقد مع كل أسف بأن بعضا من زملائنا المحامين يحسنون الحديث والتنظير ، إلا أن أي طارئ شخصي ينسي البعض تلك العبارات الجميلة التي كان يتغنى بها. كما أنني لن أخوض في تداعيات قرار كما تسمية اللجان ثم تعود هي الأخرى لتمنع وترهب وتحذر من تجاوز سورها إلى المحاكم والجهات المناطة وهي تسمي نفسها ((اللجان)) وتطلق على ما يصدر منها ((قرارات)) ثم تأتي المفاجأة الكبرى بأن الاعتراض على قراراتها تسميه ((استئناف))!!! إن الاختصاصات النوعية حق قضائي محض يستمد شرعيته من نظام المرافعات الشرعية والنظام القضائي في المحكمة الإدارية ((ديوان المظالم)) ، وليس لأحد أن يختطفه ثم يشرع عبر لجان محدودة ، جهات النظر القضائي المسموح بها ، ومن ثم من يحق له التقاضي!!!