هناك شبه إجماع بين السعوديين على أهمية قرار إنشاء «هيئة مكافحة الفساد».. تعالوا لنتحدث عنها قليلاً: (1) - بدأ الحديث عن «الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد» في 2/1425ه. - قرر مجلس الوزراء الموافقة على «الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد» في صفر 1428ه. ومن مهامها: مساءلة كل مسؤول (مهما كان موقعه). - صدر قرار ملكي بإنشاء «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» في 4/1432ه. ولا يستثنى من محاسبتها ومتابعتها (كائنًا من كان). - متى ستعمل؟.. وكيف ستعمل؟.. وكم تحتاج من السنوات لتقبض على أول فاسد صغير؟... الله أعلم! (2) الفساد أشكال، وأنواع، وألوان مختلفة.. «هيئة مكافحة الفساد» ستكافح أي نوع، وتترك أي نوع.. وكيف ستطارد كافة أشكال وأنواع الفساد؟ - سرقة المال العام فساد، سوء استخدام السلطة فساد، تعيين الأقارب دون غيرهم فساد، الرشوة فساد، تعطيل مصالح المواطنين فساد، حصول امرأة أرستقراطية مصابة بالأنفلونزا على سرير فخم في مستشفى ضخم.. وغياب هذا السرير عن عجوز مصابة بالقلب فساد.. عدم محاكمة أصحاب الشهادات المزورة فساد.. الواسطة بكافة أشكالها فساد.. عدم محاسبة قاضٍ تلبسه الجان (كي لا تكون فتنة!) فساد. هنالك ألف نوع وشكل ولون للفساد.. هذا غير الذي ابتكرته العقلية السعودية من أشكال لم يستطع العالم الوصول إليها!.. أعانك الله يا «محمد الشريف». (3) - الفساد: مرض خبيث يصيب الدول والمؤسسات. لكي تعالجه.. عليك أن تعرف تاريخ المرض.. وأسبابه.. والعوامل المساعدة لانتشاره في الجسد المصاب. لا تقدم الوصفة الطبية للقضاء عليه قبل أن تعرف كل شيء عنه. - هناك من سيقول لكم: عالجوه بالرقية الشرعية. وهناك من سيقول لكم: بل عالجوه بالعقاقير والطب الحديث. وأنا أقول لكم: عالجوه بالاثنتين.. بالأخلاق، والقانون الذي لا يفرّق بين الجميع. - المنظومة التي تنتج الفساد لا يمكنها أن تبتكر العلاج الذي يقضي عليه. (4) لو كنت مكان رئيس هيئة مكافحة الفساد الأستاذ محمد بن عبدالله الشريف -والحمد لله أنني لست في مكانه-! لقمت بالتالي: أولاً: أستأذن الملك -حفظه الله- لأعلن أمام الملأ كل ما أملكه في البنوك، وعلى الأرض من عقارات -أنا وعائلتي- لكي أكون قدوة في النزاهة ومحاربة الفساد.. ومن سن سنة حسنة له أجرها وأجر من عمل بها. ثانيًا: سأقوم بفتح موقع إلكتروني للهيئة للتواصل مع كافة الشرائح، وأمنح كل مواطن الفرصة لكشف الفساد في المؤسسة التي يعمل بها (مع حفظ سره إن أراد ومنحه الحماية القانونية)، وبهذا سيكون لي في كل مؤسسة -حكومية وخاصة- جندي خفي يساند الهيئة بفضح الفساد وكشفه. ثالثًا: سأقوم بمكافأة كل مواطن يساعد على كشف الفساد، وأمنحه ما يستحقه من الأوسمة والجوائز، بالإضافة إلى منحه لقب «بطل النزاهة» لكي تكون مكافحة الفساد فعلاً شعبيًّا يشارك به الجميع. وفي الختام لا أملك إلاّ أن أدعو لك أيُّها الشريف أن يوفقك ربي في مهمتك ويمنحك القوة لتنفيذها.. أقولها من قلب صادق.. وحالم!