شدد رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد محمد الشريف على أهمية "الوضوح"لدى كافة مسئولي الدولة واعتماد ذلك كممارسة دائمة وتوجه أخلاقي يضفي على العمل الحكومي المصداقية والاحترام مع تسهيل الإجراءات الإدارية كوسيلة فاعلة للوقاية من الفساد مؤكداً على أن الأصل في ذلك هو الوضوح في كافة الإجراءات الحكومية وأنه يتوجب عدم اللجوء إلى "السرية" إلا فيما يتعلق بالمعلومات التي تمس السيادة والأمن الوطني. وكشف الشريف أن الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد التي تعمل الهيئة على متابعة تنفيذها تؤكد على تقليص الاجراءات في الاجهزة الحكومية وجعلها واضحة للمراجعين لكي لايكون هنالك استغلال لتعقيدات الاجراءات من أجل غرض معين وكذلك الحرص على اختيار المسؤولين الأكفاء ذوي التعامل الحميد مع الجمهور في الادارات التنفيذية التي لها علاقة بهم لإنهاء معاملات المواطنين دون عقبات. واستعرض رئيس هيئة مكافحة الفساد في حديثه لبرنامج منبر الإذاعة عبر إذاعة الرياض أمس الأهداف الرئيسية التي ستسعى الهيئة إلى تحقيقها كما تناول الملامح العامة للإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد التي تعنى الهيئة بمتابعة تنفيذها موضحاً أن الإستراتيجية الوطنية تحوي كل الأسس المتعلقة بحماية النزاهة ومكافحة الفساد وإشاعة مبدأالشفافية وتحصين المجتمع ضدالفساد وتوجيه المواطن نحوالتحلي بالسلوك السليم والنصوص الشرعية والنظامية مع توفير المناخ الملائم لنجاح خطط الدولة التنموية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها. وأكدالشريف في اللقاء الذي أجراه الزميل خالد الشهوان أن الفساد ظاهرة عالمية ليست مقتصرة على دولة معينة وهي ظاهرة مركبة تختلف فيها الأبعاد الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية ومن بعض أسبابها عدم إتساق الأنظمة وضعف الرقابة إضافة إلى تعقيد الاجراءات الحكومية وضعف المستوى التعليمي ومرتبات بعض الموظفين الذين يقابلون الجمهور أو كون وظائفهم غير ثابته مشيرا في هذا الصدد إلى الاوامر الملكية الاخيرة التي نصت على رفع مستوى الموظف العام افضل مماكان عليه وتثبيت كافة موظفي البنود مما يؤدي يؤدي بتلك الجهات الى رفع مستوى موظفيها الذين يقدمون الخدمة للجمهور. وأعرب رئيس هيئة مكافحة الفساد عن تفاؤله بشراكة كافة المواطنين للهيئة في هذاالمجال مشيراً إلى أن الإستراتيجية نصت على إتاحة الفرصة للمجتمع المدني للإسهام في حماية النزاهة ومكافحة الفساد عن طريق إشراك بعض منسوبيها في الجهودالمبذولة في ذلك وحث الهيئات على إبداء ملحوظاتهم حول الأنظمة وإشراك حتى الغرف التجارية والصناعية وحثها على إعداد خطط وبرامج لتوعية رجال الاعمال والتجار بمخاطر الفساد وأسبابه وجعلهم شركاء فيما يتعلق بنقدالأنظمة وتقديم الملاحظات لمكافحة الفساد. وأضاف أن الهيئة ستمنح مكافآت تشجيعية لمن يكتشف حالات فساد بعدالتحقق والتثبت منها سواء كان هذا الفساد رشوة أو اختلاس من اموال الدولة او استغلال موقع وظيفي في كسب غير مشروع او غير ذلك موضحا ان اللائحة نصت على هذه المكافأة سواء كانت مادية او معنوية حيث لابد من مكافأة النزيه وسيتم لاحقاًَ توضيح قواعدالتبليغ لافتاً إلى أن من اختصاصات الهيئة توفير قنوات اتصال مباشرة مع الجمهور لتلقي بلاغاتهم المتعلقة بتصرفات ينطوي عليها فساد والتحقق من صحتها. وأفاد الشريف أن الهيئة لم تختر حتى الآن كوادرها الوظيفية مؤكداً على وجود العديد من الشروط الواجب توافرها في موظفي الهيئة لأنهم سيقومون بمراقبة الغير منها الأمانة والقدرة والنزاهة وتأديتهم واجباتهم الوظيفية باخلاص والمحافظة على سرية المعلومات التي سيطلعون عليها بحكم عملهم إضافة إلى وجوب تأديتهم للقسم بالاضافة للشروط الاخرى التي ينبغي على أي موظف حكومي ان يتحلى بها مشيراً إلى ان الهيئة لاحدود مطلقة لها في صلاحياتها حيث ترتبط مباشرة بالملك وتتمتع بشخصية مستقلة تماما عن باقي الجهات ممايعطيها الفرصة للعمل بعيداً عن أي تأثير لافتاً إلى أنهم الآن يعكفون على إعداد اللوائح واستكمال الكوادر الادارية وبناء الهياكل الداخلية وسيبدأون في جمع المعلومات عن المشاريع المنفذة وزيارتها ميدانياً لمتابعة تنفيذها والبدء في عقد لقاءات مع الجهات الحكومية لمتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد التي معني بها كافة الجهات ومسئولية الهيئة متابعة تنفيذها. وعن اختصاصات الهيئة قال الشريف إنها تشمل الجهات الحكومية والشركات التي تساهم الدولة فيها بنسبة 25%وأكثر إلا أن ذلك لايعني أن إختصاصاتها لاتشمل القطاع الخاص الذي ستشمله اختصاصات الهيئة تحت منظومة أخرى بمعنى أن تشجع الهيئة مؤسسات هذا القطاع على تبني خطط وبرامج لحماية النزاهة ومكافحة الفساد في محيط الشركة أو المنشأة ومساعدتها لرصد نتائج ذلك ومتابعة تنفيذها وتقويم نتائجها وذلك حتى تكون مظلة الاصلاح ومحاربة الفساد شاملة لكافة القطاعات. وتناول الشريف في حديثه ملامح عمل الهيئة وإستراتيجياتها التي ستعمل عليها موضحا ان الاستراتيجية الوطنية التي تعمل الهيئة على متابعة تنفيذها تضمنت مراجعة اساليب العمل واجراءاته في الجهات المشمولة باختصاص الهيئة بهدف تحديد نقاط الضعف التي تؤدي للفساد والعمل على معالجتها إضافة إلى إعداد ضوابط الإدلاء بإقرارات الذمة المالية بمعنى أن يدلي موظفي الدولة الذين يباشرون الاموال العامة او يتخذون قرارات تمس المال العام بمايملكون من اموال سائلة وغير سائلة وتثبت هذه في وثائق حتى يكون بالإمكان ملاحظة ما يظهر على الموظف من ثراء ملحوظ قبل إنهاء خدمته وتقارن عند تركه للخدمة بما أدلى به في بداية عمله لمعرفة مدى نزاهته وسيوضع لذلك قواعد سترفع للملك لإعتمادها. وتطرق في حديثه لباقي اختصاصات الهيئة ومنها اجراء دراسات وقياسات لمعرفة مدى تأثير الفساد على تماسك المجتمع وعلى التنمية الاقتصادية ووضع الحلول لمعالجة ذلك ونشر الوعي بمفهوم الفساد واخطاره إضافة الى تمثيل المملكة في المؤتمرات المتعلقة بالشفافية وتنظيم مؤتمرات داخلية حول الشفافية. وعن علاقة هيئة مكافحة الفساد بوسائل الإعلام أكد رئيس الهيئة أن الهيئة ستعمل على تقوية صلاتها بوسائل الاعلام وستعين متحدث رسمي لها وستعمل على كفالة حرية تداول المعلومات عن شئون الفساد بين عامة الناس ووسائل الاعلام كما يدخل في اختصاص الهيئة رصد ماينشر في وسائل الاعلام عن حماية النزاهة ومكافحة الفساد وتحليله للتعرف على اوجه الفساد واسبابه. وشدد الشريف على عدم استثناء أي مسؤول من المساءلة مهما كان موقعه وفقاً للأنظمة طالما ارتكب خطأ يتعلق بالفساد كما أكد على تعزيز الشفافية داخل مؤسسات الدولة وجعل الاجراءات المتعلقة بجباية الايرادات والغرامات واضحة للجميع، كما أشار إلى أن الإستراتيجية الوطنية تضمنت حث المؤسسات التعليمية على وضع مفردات في مناهج التعليم العام والجامعي تحذر من الفساد وتؤكد على حماية المال العام وحث المواطنين على الابلاغ عن ذلك وتطرقت كذلك الى تعزيز السلوك الاخلاقي والحث على النزاهة عبر وسائل الاعلام وخطباء المساجد والعلماء واعدا حملات وطنية تحذر من هذا الوباء. وفي شأن علاقة الهيئة بالجهات الرقابية الاخرى اكد الشريف علاقة الهيئة بديوان المراقبة وهيئة الرقابة وباقي الاجهزة الرقابية الاخرى علاقة تكاملية ليس فيها ازدواجية ولاتعارض وكل جهة لها دورها كما ان هيئة مكافحة الفساد ليس من دورها مباشرة التحقيق بل تحيل مالديها من حالات لهذه الجهات ودورهم تكميلي واشرافي لكشف الفساد والتحقق منه. وأوضح أن للهيئة طلباً "التحرز" بالمنع من السفر أو الحجز على الاموال تحوطا للمحافظة على المال العام كما نصت استراتيجيتها على وجوب توضيح اجراءات عقود المشتريات الحكومية والمؤسسات العامة والشركات واعطاء الجمهور ومؤسسات المجتمع المدني ووسائل الاعلام حق الاطلاع عليها ونقدها.