محمد بن علي الهرفي - عكاظ السعودية قبل البدء لا بد من القول: إن مصطلح «السلفية» شديد التعقيد، فالكل يدعي وصلا ب «السلفية» مع شدة الاختلاف بين هؤلاء المدعين، فبعضهم في أقصى اليمين والبعض في أقصى الشمال، مع أنهم جميعا يقولون: إن منهجهم يعتمد على اتباع نهج الرسول الكريم والصحابة الكرام، وما دام الأمر هكذا فلست أدري ما السر وراء اختلافهم الكبير في نظراتهم السياسية. مقالي ليس تتبعا للفكر السلفي ولكنه رؤية للفكر السلفي الذي يتخذ النفاق السياسي سلما للوصول إلى السلطة أو الجاه، فهذا النوع ترى بعض أتباعه يؤيدون هذا الحاكم أو ذاك فإذا تغير الحال تغيروا معه وتناسوا أن تأييدهم أولا كان باسم الدين، وأن تأييدهم ثانيا كان باسم الدين كذلك!! ألوان الطيف السلفي كانت حاضرة في الأحداث الأخيرة في بعض البلاد العربية، فالقذافي الذي يتفق العقلاء على أنه من عتاة المجرمين وجد من السلفيين من يفتي بحرمة الخروج عليه لأنه ولي أمر المسلمين؟! ورأيت التلفزيون الليبي يستعرض فتاوى هؤلاء ويرددها بين آونة وأخرى، كما رأيته يستضيف البعض مستعينا بهم على إضفاء الشرعية للنظام القذافي المستبد. وفي مصر وأثناء الأحداث يخرج واحد من كبار السلفيين ليصطف مع مؤيدي حسني مبارك ويفتي بتحريم الخروج عليه، وتذرف عيناه دمعا على أوضاع مصر بسبب ثورة الشباب!! ولو أنه بقي على هذا الرأي لأحترمته باعتباره يمثل موقفه الذي يدين الله به، لكنه وبعد أن شعر أن المستقبل مع الثوار انقلب على عقبيه واتجه إلى ميدان التحرير ليعلن أنه مع الثوار!! ولست أدري كيف لا يخجل من سوء فعله وشدة نفاقه؟! هذا الرجل يمثل تيارا من السلفيين الذين يميلون مع الريح حيث تميل، فالمصلحة هي المقدمة على كل شيء، أما الدين فهو شعار لكل فعل يقومون به!! بعض السلفيين كان يحرم المشاركة في الانتخابات، أو دخول البرلمانات وما شابهها من مجالس شعبية منتخبة بحجة أنها تخالف الشرع، ولكن بعض هؤلاء عدلوا عن هذه الآراء عندما رأوا أن مصلحتهم في هذا العدول وأسرعوا إلى صناديق الاقتراع، وأطلق بعضهم على هذه العملية «غزوة الصناديق». كل السلفيين يدعون أنهم أتباع الرسول والسلف الصالح لكن الواقع يقول: إن الأقوال شيء والأفعال شيء آخر!! رسولنا لم يكن يتاجر بدينه ولا أصحابه فعلوا ذلك!! المتاجرة بالدين من أسوأ الأعمال وأحطها .. والإسلام لا يضره أكثر من الذين يدعون أنهم من أتباعه المخلصين في الوقت الذي يقومون بأعمال تناقضه وتسيء إليه.