عبد الله باجبير - الاقتصادية السعودية لا يختلف اثنان أن المجتمع السعودي يتميز بخصوصية تنبع من كونه مجتمعا متدينا ومحافظا بطبعه.. تحكمه الشريعة الإسلامية.. تقل فيه الجريمة.. بالتأكيد نحن لا ندعي العصمة فلسنا ملائكة.. فالجريمة موجودة منذ بدء الخليقة.. بدءا بعهد سيدنا آدم عليه السلام. وكل مجتمع فيه الصالح والطالح.. والإنسان خطاء ولكن الكارثة أن يؤخذ صاحب السلوك الخاطئ أو التصرف الأهوج من قبل بعض الشباب.. كصاحب الجرم الكبير والتصرف اللا أخلاقي ويندرج اسماهما معا تحت اسم جريمة أخلاقية.. فمن عاكس في مركز تجاري بأن رمى ورقة بها رقم هاتفه ليس كمن اعتدى أو لا - سمح الله - اغتصب أو قام بجرائم العرض والشرف وغيرها من الجرائم الأخلاقية.. هذه المقدمة سببها تقرير صدر عن هيئة التحقيق والادعاء بأن قضايا العرض والأخلاق وصلت إلى 28 ألف قضية في المحكمة خلال العام المنصرم، وتشمل هذه الحالات الزنا واللواط والخطف والتحرش.. إضافة إلى الخلوة غير الشرعية، وبلغ عدد المتهمين 44 ألف متهم .. ألا ترى أن هذه الأرقام تثير الفزع والاستغراب معا، لا لشيء إلا للمبالغة فيها وعدم دقتها. ولو افترضنا صحتها فهي تكرس صورة ذهنية تجاه مجتمعنا السعودي وتعطي إيحاء بوجود خلل وسوء خلق، في حين أن مجتمعنا متدين ومحافظ وأقل انحرافا من المجتمعات الأخرى. ولكن ما يبعث على الطمأنينة أن الجهة الرافعة لهذا التقرير هي هيئة التحقيق والادعاء العام .. وهي جهة رافعة للقضايا وليست جهة ناظرة ومصدرة للأحكام، ولذلك فإن هذا التقرير لا يعد معيارا واقعيا لتصوير سلوك مجتمعنا أخلاقيا .. أو راصدا لحجم ونوع تلك الجرائم في مجتمعنا .. فالتقرير يفتقر إلى تعريف الجريمة الأخلاقية.. ولهذا جاء عدد الجرائم مبالغا فيه.. وفيه تباين في الرؤى حول دقة الأرقام المنشورة، وعدم تفصيل الجرائم الواردة، وحجم الظاهرة في المجتمع.. حيث شمل التقرير كافة المخالفات المحررة تجاه الضبطيات المرفوعة لهيئة التحقيق والادعاء العام صغيرة كانت أم كبيرة ومنها ما يطلق عليه جريمة أخلاقية بالمفهوم الشرعي، بل إن بعضها لا يصل إلى درجة أن يوصف كخلل في السلوك، بل هو أقرب ما يكون لظواهر نفسية وتغيرات فسيولوجية للشباب والمراهقين.. ووجود ضعف في ضوابط تقديم الدعوى أدى إلى كثرة القضايا المرفوعة. وبالتأكيد هذه الأرقام الكبيرة والنسب المطروحة المبالغ فيها استوقفت الشؤون الإسلامية بمجلس الشورى وقالت بعد دراستها هذا التقرير السنوي لهيئة التحقيق والادعاء العام .. إن هذه التقارير تشكل خطرا على الاستقرار في المستقبل وطالبت بتضافر الجهود لتشخيص الجرائم والجنح .. والتعريف بالفرق بين الجريمة الأخلاقية والسلوك الأخلاقي ولا يؤخذ هذا بجريرة هذا. فهناك فرق شاسع بينهما وإلا فإننا نشوه صورة مجتمعنا الإسلامي المحافظ. ولذلك كله لزم التنويه.