هذه ليست المرة الأولى التي تُطرح فيها هذه القضية التي أطلق عليها قضية التناقض الغريب ولكن ما دعاني وأثار شجوني في إعادة طرحها مرة أخرى هي النتائج والأطروحات والمداخلات التي تمت في ندوة حقوق الإنسان التي عقدت الأسبوع الماضي ، وركزت المداخلات والمطالبات النسائية فيها على قضية حقوق المرأة في العمل واعتبروها أحد أهم القضايا التي لا بد من وضعها في الواجهة عند مناقشة قضايا الحقوق باعتبار العمل حقاً للمواطنة كما هي للمواطن وقد كفل ذلك نظام الدولة ، الكثير من القضايا التي تخص المرأة بل إن جميعها يحتكم فيها للنصوص الشرعية وتأثير ذلك على الضوابط الشرعية أو مبادئ وأبواب سد الذرائع إن كان هناك اختلافات بين الفقهاء والعلماء ، وهذا أمر لا خلاف فيه ولا أحد يساوم عليه ولكن القضية الوحيدة التي ظلت مستعصية في حلها حتى الآن ، هي السماح للأجانب من الرجال ببيع المستلزمات النسائية والملابس الخاصة تحديداً للمرأة ، هل هذا يندرج على الاختلافات الفقهية ؟ أم ان هناك أياد خفية تعطل أي مبادرات لحل هذا الموضوع الذي والله إني لا أراه إلا عيباً شنيعاً بحق مجتمعنا وهو الوحيد أظن ذلك في العالم الذي تمارس فيه هذه الوصاية على المرأة من الرجال ، وحتى في أشهر أسواق الدول الأجنبية والأوروبية تحضر المرأة أمام المرأة لبيع ما يخصها وفي أدق تفاصيلها وملابسها ومقاساتها ، هل نحن الوحيدون في هذا العالم نعجز عن الحفاظ على خصوصية وكرامة المرأة وأنوثتها وحيائها أمام هذا البائع ، الذي أعطته تلك الأيادي الخفية التي تعيق علاج هذه القضية الفرصة للعبث بحياء وعفة المرأة ، إنها والله وجه الغرابة ولا أجد عاقلا واحدا ولا حتى من اخواننا في الله والمناصحين والمحافظين يرضون بان تكون هذه المرأة في هذا الموقف المحرج ، لا ديناً ولا أخلاقا وكما قيل من قبل كفى إحراجا للمرأة ، السؤال من الذي يقف وراء تعطيل هذا الموضوع؟ اذا سلمنا بان الجميع لا يقبلون ان تكون المرأة معرضة لمثل هذه المواقف المحرجة مع البائع الأجنبي . وان الجميع يدرك بضرورة معالجة هذا الواقع على درجة كبيرة من السرعة. إذا كانت وزارة العمل عاجزة عن تطبيق ما سبق اعلانه من قرار تأنيث بيع الملابس النسائية فهي مقصرة وعليها العمل على سرعة التطبيق واظنه خيارا يضاهي منح إعانات للعاطلات كضمان اجتماعي ، فكيف بفرص وظيفة جاهزة ومتاحة ونعجز عن البت فيها؟ أما إذا كان الذين يعطلون هذا القرار وهو الأقرب هم المتنفعين من رجال الأعمال والمستثمرين لتخفيض الأجور والتكاليف وهمهم الأول تحقيق الأرباح فهؤلاء يجب الأخذ بأيديهم وفرض هذا القرار عليهم بالقوة وبدون رحمة فالوطن والبطالة مسئولية الجميع ، وتوفير حوالي 80 الف وظيفة للفتيات في هذا المجال وفي المقابل الاستغناء عن نفس الرقم من العمالة الأجنبية لا بد ان يتم ويكون هدفاً لوزارة العمل في هذا العام، ان قال البعض ان ذلك يبدو صعباً للإحلال فعلى العكس من ذلك فأنماط البيع وأساليبه في هذا المجال واضحة وأسعاره محددة وليست صعبة والفتاة قادرة بعد 3 ايام تدريب ان تتقن وظيفة البيع وان تتألق بممارستها البيع لامرأة مثلها تتفقان وتتحاوران وتستطيعان التفاهم بنفس اللغة والاسلوب بدلا من البائع الأجنبي الذي تتفق كل الأقوال على محاذير التعامل معه ،في سلعة خاصة للمرأة ، والامر الآخر ان هذه الفتاة ستغني صاحب العمل من السكن ومن التأشيرات ومن مشاكل العمالة الأجنبية بشكل عام، إذاً لماذا تعطل هذا القرار الى هذا الوقت ونحن نسعى إلى معالجة البطالة التي وصلت الى حوالي 26,4% للمرأة ، اذا كانت الضوابط والخصوصية وتصاميم المحلات هي السبب فهذا ليس عذراً ومن السهل التغلب عليها إذا حسمت الأمور وأصبح التطبيق واقعاً لا تراجع فيه ،نحن لم نتحدث عن حوالي 750 ألف سائق أجنبي بما فيهم من المشاكل الاجتماعية كون ذلك فيه من الامر الذي يحتاج الى تفكير ودراسة ، ولكن ان يكون امامنا حالة واضحة لمجال عمل للمرأة تعاني فيه كثيراً من الإحراج والمشاكل وحلها سيكون له اثر ايجابي ولم يحرك الآمر ساكناً فهذا هو الأمر المستغرب ، ومن هنا نناشد ان استطاعت وزارة العمل حسمه او ان يتدخل ولاة الأمر حفظهم الله والمقام السامي بوضع القرار محل التطبيق خلال ستة أشهر على الأقل ، فيكفي ما تتعرض له المرأة من مواقف محرجه مع البائعين الأجانب ،والمعارضين من أصحاب المصالح او ممن يحتجون بدون مبررات لا يتحرجون ولا يستحون مما تتعرض له أخواتهم او زوجاتهم او بناتهم من المضايقات والمهازل في سوق الملابس النسائية الخاصة ، فكفى وكفى وكفى ،هذا غير معالجة بطالة نسائية هي بيدينا نحرم بناتنا من فرص عمل في محيط وبيئة عمل خاصة حدودها بناتنا ايضاً ونجيرها لأجنبي يعبث بأخلاقيات ومبادئ مجتمعنا المحافظ. الخاطرة خسر المراهنون والمحرضون على الفتنة ومروجو الفوضى ونجح الوطن في اثبات وطنيته وحبه وولائه للحاكم الحكيم رغم كل شيء ، حقاً انه وطن الانتماء، فقد اثبت الواقع متانة العلاقة الوثيقة بين الملك الحاكم والوطن والمواطن في الانتماء والاستقرار ولله الحمد .. عشت يا وطني شامخاً راسياً صامداً لحكامك ومواطنيك في خير وعز ونماء إلى يوم الدين.