يوم يفصلنا عن عرس الثقافة في معرض الرياض الدولي للكتاب، استبقه الدكتور عبدالله الجاسر المشرف العام على المعرض بحديث نشرته صحيفة الوطن السبت الماضي، يحمل دلالات متعددة جرت العادة أن يشار إليها قبل افتتاح المعرض، ومنذ إسناد مهمة الإشراف على المعرض إلى وزارة الثقافة والإعلام بدلا من وزارة التعليم العالي، كان المنظمون يؤكدون على نقاط حفظناها: التلاعب بالأسعار، الكتب المسربة والممنوعة، لجان المراقبة، آلية الاحتجاج والشكوى، البرنامج الثقافي المصاحب. الجميل في حديث الدكتور عبدالله الجاسر هو تصريحه بضيق الصدر عندما لا يتلقى نقدا للمعرض، وهو يعلم جليا أن أمهر سلوك يمارسه المثقف هو «النقد» والانشغال بالمعارك الهامشية، ولذلك أصبح مشهدنا الثقافي منصرفا عن التأثير أججه غياب المظلات الرسمية الحاضنة من الهيئات العامة والمجالس العليا، ولا يبرح نشاطهم أبواب الأندية الأدبية التي تطل على خجل. الجانب المتحول في معرض هذا العام يتمثل في البرنامج الثقافي المصاحب، فعلى مدار المعارض السابقة كان منهج «السلامة» هو المسيطر على البرنامج وفقا لقاعدة معلنة: المعرض للكتاب وفعالياته يجب أن تصب في خانته لا في خانة المسائل الثقافية ذات الاختلاف الاجتماعي. وأعتقد أن زخم القوة الشرائية للمعرض سيتم تجاوزه إلى كثافة الحضور لتلك الفعاليات، وهو مبدأ تسويقي في المقام الأول على مستوى الاقتصاد والإعلام والمجتمع، فاستقطاب الأسماء ذات الجدل أمثال عبدالله الغذامي وتركي الحمد ومحمد الأحمري وأبو عبدالرحمن الظاهري تمثل تفاعلا يليق بالمعرض بصفته حدثا ثقافيا لا ينحصر في البيع والشراء فحسب. شخصيا تمنيت أن تكون أجنحة المعرض مخصصة للكتاب، وللكتاب فقط .. وهو الأمر الذي لازالت إدارة المعرض متحرجة من إخراج أجنحة الدوائر الحكومية التي تحتل المساحات الشاسعة ضمن أروقة المعرض، ولم أفهم حتى اللحظة علاقتها بالكتاب والثقافة بدءا من جناح وزارة الثقافة والإعلام وانتهاء بهيئة الأمر بالمعروف، أخرجوهم فضلا وأقيموا لهم خيمة أو رواقا خارجيا، فبأي حق تمنع دار نشر تستوفي الشروط من المشاركة بسبب ضيق المساحة التي تشغلها تلك الأجنحة، وسأسجلها من هنا تذكيرا للدكتور الجاسر وفقا لوعده «لو كان الأمر بيدي لقمت بإخراج كل أجنحة الدوائر الحكومية إلى خارج الصالة»، ووعد بذلك العام المقبل.. على أية حال.. نحن موعودون بفاكهة ثقافية، بيننا المتذوق المنتظر لهذا العرس، وبيننا السارق الذي يحضر مجيرا الحدث بضجيجه وصراخه ومنحه الصكوك والبيانات لحاجة في نفسه ما قضاها؛ ولن يقضيها في عالم غير عالمه!.