اعترف وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية المشرف على معرض الرياض الدولي للكتاب الدكتور عبدالله الجاسر بحدوث تسريبات للكتب الممنوعة وبيعها خلال الدورة الماضية للمعرض، مبينا أن هناك دارين للنشر منعت من المشاركة في المعرض هذا العام منها "دار الجمل"، ونفى عن الوزارة تهمة محاباة مثقفي مناطق دون أخرى. وقال الجاسر في حوار خص به "الوطن": لن أتهاون في أي تسريب، ومن يخالف ضوابطنا سيمنع من المشاركة الأعوام القادمة، مشددا على أن أي كتب تمس الدين والعقيدة والجنس والسحر ستمنع من العرض لأن هناك ثوابت واضحة لا يمكن تجاوزها، وإن حصل هناك تسريب لكتب فهي لم تمر على الوزارة. الكتب المسربة وأوضح الجاسر أن وزارته لا تستطيع وضع مراقب تحت كل "طاولة" لدور النشر لمراقبه ما يتسرب من كتب، فكافة معارض الكتاب في دول العالم تتعرض لتسريب كتب ولا يمكن أن تكون الوزارة "شماعة" لتعليق مثل هذه الأمور عليها فهناك أمور قد تحدث ولكننا حريصون على إحكام الرقابة عليها، فكثير من الكتب المعروضة العام الماضي لم تمر على الرقابة، ونعترف بأننا لا نستطيع السيطرة على نظافة المعرض بنسبة 100% من التسريبات، لكننا سنسيطر على نسبة كبيرة، وقد عملت لجنة خاصة مكونة من 10 أشخاص مربوطة بي للرقابة بشكل خفي على تسريب الكتب هذا العام. استمارات للملاحظات وشدد الجاسر على عدم أحقية أي شخص من خارج وزارته أن يسحب أية كتب بمعرض الرياض الدولي للكتاب قائلاً "لا يحق لأحد سحب الكتب بمن فيهم موظفي وزارتي ورجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث لدينا استمارات يحق لأي شخص تعبئتها في حال رؤيته ملاحظة أو تجاوز من دور النشر، ونحن المسؤولون عن سحب المخالفة بعد التأكد من الاستمارات، بالإضافة إلى توبيخ الدار المخالفة". وأكد الجاسر أن موضوع الرقابة في المعرض محل جدل، كون غالبية الناس تعتمد على ما يسمع ويقال، وليس على تدوين الملاحظات بأنفسهم فالاعتماد على "القيل والقال" والحكم على المعرض بما نقل لهم من أمور تحتوي على "تشويش". وأوضح الجاسر أن 85% من كتب المعرض هذا العام ذات طابع إسلامي، حيث كانت نسبتها في العام الماضي 81% وباقي الكتب علوم مختلفة، والوزارة استعانت ب 45 مراقبا من خارج الوزارة للرقابة على الكتب، حيث وصل إلى الوزارة 280 ألف عنوان ستعرض في المعرض. وأشار الجاسر إلى أن الوزارة لا تمنع "الاحتساب" داخل المعرض، وأن مهمتها "ثقافية" وليست رقابية، موضحاً أن دورها الرقابي يقتصر على دور النشر وليست على "المحتسبين". التلاعب بالأسعار وبيّن الجاسر أن وزارته ستمنع وتحد من التلاعب في الأسعار حيث إن الوزارة ثبتت الأسعار وعرضتها على موقع المعرض ومن يخالف سيعاقب، مبيناً أن بعض دور النشر تعمد إلى إثارة الشائعات بمنع كتب لرفع أسعارها وإيهام الزوار بأن الكتاب أعداده محدودة لزيادة المبيعات، مؤكدا أن الوزارة عممت على دور النشر الالتزام بالأسعار. وألمح الجاسر إلى أن كثرة أجنحة الوزارات الحكومية تضيّق المعرض وتأخذ مساحة كبيرة قائلا "لو كان الأمر بيدي لقمت بإخراج كل أجنحة الدوائر الحكومية إلى خارج الصالة بما فيها جناح وزارة الثقافة والإعلام"، واعدا بتطبيق ذلك الأمر في المعرض العام القادم لأنه سيكون لدينا 1300 دار بعد إخراجهم، نافياً أن تكون وزارته قد أقصت دورا من المشاركة وقال "من يدعي ذلك تقدم إلى الوزارة للمشاركة بالمعرض في وقت متأخر". القوة الشرائية وكشف الجاسر أن مساحة المعرض لو كانت أكبر من الحالي لاستطاعت وزارته إشراك 1500 دار نشر لعدة أسباب منها أن المملكة حصلت على المرتبة الثانية في إحصائية مؤسسة الفكر العربي في معارض الكتاب بعد معرض القاهرة، ولكن معرض الرياض الدولي للكتاب تبوأ المرتبة الأولى للقوة الشرائية بلا منازع في العام الماضي باعتراف دور النشر التي أكدت بأنها تبيع خلال معرض الرياض للكتاب ما يوازي مبيعاتها خلال عام كامل. وتوقع الجاسر أن يشهد معرض الرياض الدولي للكتاب لهذا العام زخما كبيرا في الحضور والمشاركة نظير تأجيل معرض القاهرة للكتاب. وبين الجاسر أن العمل الثقافي لا يخلو من النقد، وأنه شخصياً إذا لم يتلق نقدا للمعرض سيشعر ب "ضيق الصدر" - بحسب وصفه. اتهامات الإقصاء وأشار الجاسر إلى أن بدء العمل على البرنامج الثقافي كان منذ ثلاثة أشهر، وقد تم تشكيل لجنة له قيل عنها "إنها من مناطق محددة"، وهذا ليس إقصاءً للمناطق الأخرى، بل لأن اللجنة تجتمع بشكل شبه يومي في الرياض، ولذلك فإن حضور كافة المثقفين من المناطق الأخرى أمر متعب لهم، سواء من ناحية السكن أو التنقل، فاللجنة متنوعة من مختلف التوجهات الفكرية والتيارات، فالوزارة لا تقصي أي تيار أو فكر. وقال الجاسر "عندما انتهت اللجنة من عمل البرنامج، عرضته شخصياً على كثير من المثقفين لمعرفة رأيهم فيه، فنحن راعينا فيه التوازن والتنوع، وإجراء أمسيات قصصية وشعرية، بالإضافة إلى المسرح والفنون التشكيلية والضوئية كونها من أعمدة العمل الثقافي، وركزنا هذا العام على الثقافة العلمية باختيار البروفيسور أحمد زويل لإحياء أمسية علمية، بالإضافة إلى محاضرة عن الفكر الإسلامي، والهويات الثقافية سيحييها الدكتور عبدالله الغذامي، وندوة عن التغير الثقافي والاجتماعي في دول الخليج سيحييها مجموعة من المثقفين من ضمنهم تركي الحمد". وأوضح الجاسر أن هناك من يختلف مع الوزارة في مسألة اختيار الأشخاص حيث إن الوزارة سياستها "الاعتدال والتوازن والوسطية" لا فرق لدى الوزارة في مناطقية المشاركين والضيوف ومن ير عكس ذلك فهو "مخطئ"، مبينا أن الوزارة لا تقصي أي مثقف أو مفكر في هذا الوطن. البرنامج الثقافي وذكر الجاسر أن المعرض سيحتوي برنامجا ثقافيا مختلفا عما سيعرض في المعرض المتمثل في "المقهى الثقافي" وسيبدأ من الحادية عشرة مساءً بعد انتهاء المعرض، موضحا أن برامجه مختلفة تماماً عن برنامج المعرض، وسيعرض فيلم رثائي للشعراء والمثقفين المتوفين إحياءً لذكراهم. وكشف الجاسر أن 6 دور نشر كانت رائدة في العمل والنشر في المملكة في بداية تكوينها ستكرم خلال المعرض، بالإضافة إلى تكريم شخصيات راحلة مثل الدكتور غازي القصيبي، ومحمد عبده يماني، وأحمد المباركي، وعبدالله الجفري، وستعرض عنهم مادة فيلمية لمدة دقيقتين للتعريف بهم. واعترف الجاسر بتقصير وزارته في الاستفادة من أكبر عدد ممكن من مؤسسات المجتمع المدني ذات الطابع الثقافي ومنها الأندية الأدبية، فأجنحتها ليست "كافية"، قائلا نرغب بمشاركتهم بشكل أكبر مما هو عليه الآن". وأفصح الجاسر عن دعوة وزارته لأكثر من 300 مثقف ومثقفة من داخل المملكة لاستضافتهم إبّان المعرض، بالإضافة إلى دعوة 85 مثقفا ومثقفة من النخب الثقافية من خارج المملكة، من المشاركين في البرنامج الأساسي أو في المقهى الثقافي. وأوضح الجاسر أن تكلفة المعرض المادية تفوق ال17 مليون ريال والإيرادات تجاوزت ال 1.5 مليون ريال تذهب لوزارة المالية.