ناصر الصِرامي هذا جيل مائع»، أو هو «جيل سطحي»، أو هو «جيل ضعيف»، أو «ذلك الزمن الجميل»، أو جيل ضائع»، تلك بعض العبارات التي تسمعها من جيل سابق، ينتقد بها شباب اليوم واهتماماتهم، واتجاهاتهم صراحة أو مباشرة، وقد تصل الشكوى لوسائل الإعلام!. قصة تتكرر بين كل جيلين في الغالب، كل جيل يصف الجيل التالي له بأنه أكثر تواضعا في الفهم والحياة والعمل ..الخ.. نقد يعكس جهلا أو تعاليا لفهم جيل جديد. لا يوجد جيل سابق أكثر ذكاءً ووعيا من جيل لاحق، الحقائق تثبت العكس، ويثبته بوضوح تطور مسيرة الحياة البشرية، تطور الأدوات والذوق العام وأساليب الحياة. ودائما أثبتت الأجيال الحديثة أنها تتجه إلى التفوق على سابقها، وهو أمر أقرب للسنن الكونية. هذا الفهم -المخدر- والمتواضع لجيل الشباب هو الذي يخلق الفجوة بين الأجيال، والتى يعاني منها مجتمعنا بشدة وقلق واضح، فجوة أصبحت معها طاقات الشباب معطلة على اعتبار سيطرة الكبار أو الأجيال السابقة على مفاتيح الحكمة التقليدية، والإمساك بكل الفرص المتاحة، فيما جيل الشباب يكاد ينفجر في الواقع بشكل غير محسوب. هذا الحال، هو في الحقيقة حال غير صحي، نتيجته الأولى الفراغ الداخلى الذي يشعر به الشباب بعيدا عن الإنجاز والمشاركة أو قلة فرص العمل أو الارتقاء المتاحة. لذا فإن تجاهل الشباب، تجاهل الجيل الحالي، ليس أسلوباً مريحاً على الإطلاق، في محيط الأسرة-الاجتماعي- في محيط العمل-الاقتصادي، وفي محيط الأمة-السياسي. بل هو تجاهل خطر قد يؤدي بالجيل الجديد إلى التفكير في احتمالات أخرى، احتمالات تبحث عن التغير الذي يثبت به وجوده وكيانه وحقوقه وحضوره. احتمالات البحث تمتد إلى مستوى التمرد، التمرد على الوضع الاجتماعي الجامد والمتشدد في علاقاته وتعاملاته وحريته، أو على الوضع السياسي بما يحويه من حرية التعبير والحقوق والبحث عن العدالة، وعلى الاقتصادي بفساده واحتكاره. أضف إلى ذلك الإحباط من انغلاق الفرص ومحدوديتها في ظل استمرار أجيال سابقة في أداء المهام التنفيذية لعقود طويلة وبتمديد مستمر يحجب الفرص على جيل تالٍ متوقد للعطاء والإنجاز. إن استمرارعمليات التمديد للخدمة في الأجهزة التنفيذية والقيادية يوقف حركة التغير وتحريك المياه الراكدة وضخ الدماء الشابة في الجهاز الحكومي التنفيذي الضخم، مما يراكم الأخطاء ويزيد صفوف الانتظار للباحثين عن فرص للعمل والإنجاز والتأثير، قبل أن تتحول طاقاتهم من إيجابية إلى سلبية. إلى لقاء..