إيطاليا: التضخم لأعلى معدلاته في 15 شهراً    إتمام تسعير أول صكوك دولية بملياري دولار    ضبط وافدين لمخالفتهما نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص في الرياض    السعودية للكهرباء و"أكوا باور" توقعان اتفاقية شراء الطاقة لمشروع توسعة محطة القريّة للإنتاج المستقل ب13.4 مليار ريال    بدعم قوة الطلب.. النفط صوب 77 دولاراً    النصر يبحث عن نقاط الاتفاق    وكيل إمارة الشرقية: يوم التأسيس مناسبة وطنية نستذكر فيها مراحل بناء وتطور وطننا الغالي    السويد تحقق في تخريب محتمل لكابل اتصالات في بحر البلطيق    الغامدي ل«عكاظ»:: يوم التأسيس تعزز فيه روح الانتماء الوطني    الأمير فيصل بن سلطان: يوم التأسيس ذكرى وطنية راسخة تعزز مكانة المملكة ودورها الريادي في العمل الخيري والسلم العالمي    اليامي ل«عكاظ»: يوم التأسيس ذكرى لتلاحم شعب وتطلع للمستقبل    خطيب المسجد الحرام: العافية أجمل لباس، وهي لذة الحياة والناس وبغية الأحياء والأموات    خطيب المسجد النبوي: رمضان مدرسة الإرادة وساحة التهذيب وهذه الإرادة تمتد لتشمل الحياة كلها    الحارثي: صفقات الأهلي بحاجة للتأقلم    الإمارات تطلب استضافة كأس آسيا    رئيس «القيادة اليمني» يُهنئ خادم الحرمين وولي العهد بذكرى يوم التأسيس    وزارة الشؤون الإسلامية تنظم ندوة علميّة تزامناً مع ذكرى يوم التأسيس    حماس: أشلاء الأسيرة الإسرائيلية اختلطت بين الأنقاض    في محاضرة عن المبادئ الراسخة لتأسيس الدولة السعودية بأدبي جازان    الشؤون الإسلامية في جازان تنهي تجهيزات الجوامع والمساجد استعدادًا لاستقبال شهر رمضان المبارك    خادم الحرمين يتلقى تهنئة القيادة القطرية بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    الذهب يتجه لتحقيق ثامن مكاسب أسبوعية وسط مخاوف الرسوم الجمركية    قادة الخليج والأردن ومصر يتوافدون لعاصمة القرار العربي    الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون يكرّم الفرق الفائزة بمعسكر الابتكار الإعلامي في المنتدى السعودي للإعلام    رياح نشطة وأتربة على عدة مناطق وأمطار خفيفة شمال المملكة    وزير الدولة للشؤون الخارجية يشارك في حفل افتتاح مؤتمر رؤساء حكومات مجموعة الكاريبية (كاريكوم)    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    زيارة "فريق الوعي الصحي التطوعي" التابع لجمعية واعي جازان لمؤسسة دار رعاية الفتيات    قرارات ترمب المتطرفة تفاقم العزلة الدولية وتشعل التهديدات الداخلية    "السهلي"تهنئ القيادة الرشيدة بمناسبة يوم التأسيس    هل رجحت كفة «المُترجَم» بالعربي؟    كبار علماء الأمة يثمنون رعاية خادم الحرمين لمؤتمر بناء الجسور بين المذاهب    احتمالية الإصابة بالسرطان قد تتحدد قبل الولادة    مُرهق عاطفياً؟ هذه الطرق تساعدك على وقف استنزاف مشاعرك    5 عادات تبدو غير ضارة.. لكنها تدمر صحتك    افتتاح نادي الطيران في الرس    مبادرة كنوز السعودية بوزارة الإعلام تطلق فيلم "ليلة الصفراء" احتفاءً بمناسبة يوم التأسيس    وطن الأمجاد    فريقا جامعتي الملك سعود والإمام عبدالرحمن يتأهلان لنهائي دوري الجامعات    ثلاثة قرون .. السعودية شامخة    علاقة وثيقة بين المواطنين والقادة    شخصيات اجتماعية ل«الرياض»: يوم التأسيس ذكرى تجسد الوحدة وتُلهم الأجيال لصنع المستقبل    عم إبراهيم علوي في ذمة الله    الديوان الملكي: وفاة الأميرة العنود بنت محمد بن عبدالعزيز آل سعود    القوات البرية والجيش الأميركي يختتمان مناورات «الصداقة 2025» بالمنطقة الشمالية    هالاند يسابق الزمن للحاق بمواجهة ليفربول    الهرمونات البديلة علاج توقف تبويض للإناث    الصداع العنقودي أشد إيلاما    حضر بلا داعي وقعد بدون فراش    «شعبنتوا» ولا لسه ؟    درس في العقلانية الواقعية    تعليم جازان يحتفي بيوم التأسيس تحت شعار يوم بدينا    القبض على إثيوبي في جازان لتهريبه (17) كجم "حشيش"    أكثر من 4 آلاف مبادرة لكفاءة الإنفاق في الجهات الحكومية    قطر تؤكد أن استقرار المنطقة والعالم مرتبط بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية    هيئة تقويم التعليم والتدريب تعتمد 62 برنامجًا أكاديميًا    نائب أمير الرياض يرعى الحفل السنوي لجمعية كيان للأيتام    الطائف تودع الزمزمي أقدم تاجر لأدوات الخياطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأنظمة القمعية العربية ملة واحدة
نشر في أنباؤكم يوم 10 - 02 - 2011

ما حصل في تونس من خلع "زين العابدين بن علي" قبل شهر من الآن تقريبا، وما يحصل حاليا في مصر، جعل أكثر من نظام عربي قمعي يتحسس رأسه، ويعيد حساباته في علاقته مع الشعب الذي يحكمه، على مبدأ: "ليس من نظام عربي على رأسه خيمة". وبجردة بسيطة لسلوك النظامين في كل من مصر وتونس قبل أن يجري فيهما ما جرى من أحداث، فلا يكاد الباحث يميز أحدهما من الآخر في سوء علاقته مع الشعب الذي يحكمه.
فكلا النظامين دعمته واشنطن في قمع شعبه، وأحيانا كانت تدعمه بعض دول أوروبا. ولأن واشنطن الراعية للنظامين هي التي تسيطر على اقتصاد العالم، وإليها تنتهي أرقام حسابات الأرصدة المالية لتسجل في بنوكها، فقد كانت تغض الطرف عن غسيل الأموال التي نهبها رجال النظامين في مصر وتونس "ولا من شاف ولا من دري" كما يقول المثل. ومع أن الأرقام الاقتصادية كانت تظهر نموا جيدا في كل من تونس ومصر، إلا أن النمو لم ينعكس تحسنا في معيشة الشعب خصوصا في مصر، حيث ازداد الفقراء فقرا وزاد عدد الفقراء زيادة مهولة، وازدادت ثروة الفاسدين زيادة فاحشة.
وكلا النظامين حارب الإسلاميين وملأ بهم السجون. فحركة النهضة في تونس اضطر معظم كوادرها أن يغادر تونس، ومن بقي منهم أدخل المعتقلات، والقلة القليلة اضطروا أن يخففوا من مظهرهم الإسلامي "على خوف من بن علي وملأه أن يفتنهم". أما في مصر فقد صمد الإخوان برغم ملاحقة نظام "حسني مبارك" لهم فلم يغادر مصر إلا القليل. وقد حاول إخوان مصر دخول اللعبة السياسية بالرغم من أن النوافذ المتاحة كانت ضيقة للغاية.
نؤكد أن عدد السكان في مصر زاد في عهد "مبارك" (من60 مليونا إلى80 مليونا)، ما جعل الإخوان المسلمين ينشطون. فشكلوا الرقم الصعب في النقابات المهنية، برغم الهامش الضيق في حرية العمل في مصر، بعكس نظام بن علي الذي قمع منظمات المجتمع المدني.
كلا النظامين في مصر وفي تونس لم يعتمد "أيديولوجيا" خاصة به. وكانا يعتمدان في بقائهما على قمع الإسلاميين، الأمر الذي جعلهما يحظيان بالرعاية الأمريكية. زاد مبارك أن نظامه كان يحظى بدعم كامل من إسرائيل، الأمر الذي لم يكن "بن علي" يحظى إلا بالقليل منه.
لا أريد أن أستطرد كثيرا بالمقارنة بين النظامين. وما ذكرنا من مساوئهما ليس إلا عينة جئنا بها لضرب الأمثلة فقط. وهما على كل حال ليسا الوحيدين في الساحة العربية. فما أردت أن أقوله أن هذه الممارسات القمعية السيئة وغيرها كثير هي التي أدت إلى ما حصل في تونس. وما ينتظر مبارك ربما يكون أسوأ مما آل إليه حال "بن علي". لكني أؤكد أن كل نظام قمعي في وطننا العربي سيصل –عاجلا أو آجلا- إلى هذا المصير السيئ.
المراقب السياسي لمصائر هؤلاء المستبدين، ربما يتساءل: لماذا لا يحاول هؤلاء الطواغيت أن يتداركوا الأمر "قبل أن تقع الفاس بالراس"، بالاستقالة، أو بتصحيح الأوضاع المتدهورة، إن لم يكن توبة إلى الله، فعلى الأقل استحضار علم الاحتمالات للتبصر والتفكير، استباقا لما يمكن أن يحدث لهم، وأن يأخذوا للأمر أهبته؟
في صحيفة الحياة اللندنية في عدد يوم 6 شباط الجاري عقد الكاتب السعودي "خالد الدخيل" مقارنة بين النظامين في كل من مصر وسورية تحت عنوان: "مبارك والأسد: هل يعني تشابه المخاوف اختلاف المآلات"؟ يقول الدخيل: (تناول –الأسد- في حديث مطول له مع صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية قابلية انتشار العدوى التونسية إلى النظام السوري. ونفى إمكان ذلك تماماً، لأسباب لا علاقة لها بالعوامل التي أفضت إلى الانتفاضة الشعبية)..
أما عن السياسة الخارجية السورية فقال "الدخيل":
(لكن المأزق أن السياسة الخارجية السورية لم تؤد بعدَ أكثر من أربعين سنة إلى أي مكسب سياسي ملموس: فالأزمة في لبنان مستمرة، والجولان لا تزال تحت الاحتلال، ولا تزال سورية تعتمد على لعب الورقة الأمنية، ما يعكس ضعف موقفها السياسي في المنطقة. إلى أي حد تتطابق السياسة الخارجية للدولة مع قناعات شعبها إذا كانت هذه السياسة جامدة هي الأخرى، ولا تؤدي إلى مكاسب؟). أما عن السياسة السورية الداخلية فقال "الدخيل" :
(أما السياسة الداخلية، فربما هي أسوأ من الخارجية، فقد مضى على حكم البعث في سورية ما يقرب من نصف قرن الآن، والنتيجة السياسية والاقتصادية والثقافية لا تختلف أبداً عما انتهت إليه حقب الحكم في البلدان العربية الأخرى، وخاصة في مصر، واليمن، أو ليبيا. وربما تكفي الإشارة إلى أن سورية من أكثر البلدان العربية -إلى جانب ليبيا- معاناة من انعدام هامش حرية التعبير بشكل لا ينسجم أبداً لا مع طبيعة العصر، ولا مع ما يستحقه الشعب السوري). (انتهى الاقتباس من مقال خالد الدخيل).
نوهت سابقا أن "وول ستريت جورنال" الأمريكية أجرت حوارا مع الرئيس "بشار أسد" في6 شباط الجاري حاول فيه إبعاد كأس التغيير عن فم النظام في دمشق. نعتقد أنه نوع من الأمل ،بل يبتعد عن حقائق التاريخ والجغرافية. فكل مواصفات نظام الحكم في سورية تكاد تنطبق على مواصفات نظامي تونس ومصر. فلمَ إذن لا يكون الشعب السوري فيثور مثل شقيقيه؟
كان واضحا أن الرئيس السوري أراد أن يقول لمحرر الصحيفة الأمريكية أن سورية بمنأى عما حصل في تونس ويحصل في مصر، وإن سورية بلد يحكمه الاستقرار. مع أن العلاقة الحتمية بين الاستقرار والاستمرار لم يقل بها أحد من الساسة. فكل الأنظمة الشمولية بأوروبا كانت تحكمها نظم استبدادية، فانهارت تماما في طرفة عين. وقد نسيت الشعوب زعماء تلك الأنظمة، الذين أصبحوا من التاريخ في بطون الكتب، يذكرون فلا يشكرون.
في إجابته على السؤال الأول للصحيفة الأميركية، قال الرئيس الأسد:(إن ما يحدث في تونس ومصر يعني أنه كانت هناك مياه راكدة، والمياه الراكدة تتكون فيها الميكروبات... وبسبب هذا الجمود أصبحنا عرضة للميكروبات).
الرئيس السوري سمع ما قاله التوانسة والمصريون المتظاهرون عن ماهية هذه الميكروبات. لكنه بدلا من أن يبحث عن الدواء الناجع وهو استئصال أسباب المرض، من فساد واستبداد وقمع وتنكيل ومصادرة للحريات، فإنه ذهب نحو الحلول الأمنية كمافعل "بن علي" و"مبارك" من قبله، فلم تجدِ لهما تلك الحلول شيئا.
لم يفشل يوم الغضب السوري في 5 شباط لأن المعارضة السورية ضعيفة، بل إن انعدام هامش حرية التعبير في سورية هو الذي منع من نجاح يوم الغضب السوري، ولأن ساطور القمع ما يزال معلقا فوق الرقاب في سورية.
ما هو مؤكد أن الشعب في تونس كان مترددا في إعلان ثورته بسبب الخوف من قمع نظام "بن علي". وأن هذا القمع هو الذي أجج العزم في "محمد البوعزيزي" فأحرق نفسه. وما هو مؤكد أيضا أن لكل نظام قمعي "بوعزيزي" يلائمه. وإن انعدام هامش الحرية في سورية قد يدفع إلى نهوض أكثر من "بوعزيزي" فيها.
ثار الشعب المصري على نظام مبارك وقد كان يتمتع بهامش ضيق من الحرية: من صحافة حرة ونقابات مهنية منتخبة وأحزاب معارضة وانتخابات نيابية ولو أنها كانت تزور. كما كان هناك من ينتقد نظام الحكم في الصحف وفي القنوات الفضائية، فلا يخشى الاعتقال. كل هذه الهوامش من الحرية غير موجود في سورية ولو في حده الأدنى. مع ذلك رفض الشعب المصري هذا الهامش الضيق من الحرية وأعلنها ثورة تطالب برحيل النظام ورحيل الرئيس "حسني مبارك".
فهل يبادر الرئيس "بشار أسد" باجتراح حلول حقيقية بعيدة عن العقلية الأمنية التي تلجأ إليها الأنظمة القمعية التي يضيق صدرها من كل صوت معارض؟ وهل يعيد الرئيس حساباته قبل أن يفيض السد الذي يحتجز وراءه عشرين مليونا من السوريين الغاضبين قبل أن يفيض بهم الغضب، فينفجر سد النفوس الغاضبة، ولا يعلم أحد عندها أين تقف الأمواج المتدفقة؟ وكيف سيكون المشهد؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.