صالح محمد الجاسر - الاقتصادية السعودية يبدو أن مصطلح ""تصفير العداد"" سيصبح مصطلحاً سياسياً جديداً، يستخدم بدلا من مصطلحي التمديد وتوريث السلطة في الجمهوريات العربية، هذا المصطلح استخدم على الساحة اليمنية عدة مرات، قبل أن يطلقه الرئيس علي عبد الله صالح عربياً ودوليا، عبر قوله في جلسة مشتركة لمجلسي البرلمان ""لا تمديد ولا توريث ولا تصفير للعداد"". ومصطلح ""تصفير العداد"" سبق أن طرح على الساحة اليمنية من خلال مناقشات قضية التمديد للرئيس اليمني، حينما قال رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم في اليمن سلطان البركاتي إن المؤتمر العام ""لا يسعى إلى تصفير العداد فقط، بل إلى إلغائه والتأييد لرئيس الجمهورية"" في معرض إشارته إلى بقاء الرئيس مدى الحياة. ""تصفير العداد"" مصطلح يعرفه الميكانيكيون وبعض شريطية المعارض الذين يعمدون إلى التلاعب بعداد السرعة في السيارة، عن طريق تقليل المسافة التي قطعتها السيارة لإيهام المشتري أنها بحالة أفضل، وهذا الأمر كان شائعاً حينما كان من السهل التلاعب بعداد السرعة، قبل أن تتحول عدادات السيارات إلى تقنية يصعب التلاعب بها، هذه التقنية التي أصبحت تمنع عملية ""تصفير العداد"" أو على الأقل التقليل منها في السيارات، هي التقنية نفسها التي أصبحت تنقل صورة ما يحدث في أي مكان من العالم إلى أقصى بقعة منه، بحيث أصبح تأثير الصورة حاسماً في تغيير سياسات، وتبديل سلوك، بل وفي استباق الأحداث، وتقديم تنازلات في مجالات كان الحديث عنها في السابق من المحرمات. مصطلح ""تصفير العداد"" استخدمه الرئيس اليمني بعد ما شاهده عبر شاشات القنوات الفضائية من أحداث جرت في تونس ومصر، ولهذا سارع إلى معالجة وضع أصبح سائداً في معظم الجمهوريات العربية، وهو التمسك بالسلطة إلى آخر يوم من حياة الرئيس، أو توريث الحكم. إن الإشكالية التي تواجه الجمهوريات العربية، أنها جاءت تحمل شعارات لم تستطع تحقيقها، وانتقلت إلى أوضاع جعلت منها مثالا للديكتاتورية وغياب الحريات العامة، مع تراجع في مجالات التنمية، وأصبحت الملكيات التي كانت محل انتقاد من قبل هذه الجمهوريات أكثر استقرارا، وأعلى في معدلات التنمية، بل وأكثر مشاركة شعبية في مختلف مجالات الحياة، هذا الوضع جعل الجمهوريات العربية، تسعى في سبيل معالجة عدم القبول الشعبي إلى إجراء تعديلات دستورية تتيح للرئيس البقاء مدى الحياة، أو التوريث، مما أوقع هذه الجمهوريات في إشكالية لم يحلها إلا ما نراه من أحداث أجبرت بعض الرؤساء العرب على استباق الأحداث والإعلان عن عدم النية في البقاء في السلطة مدة أخرى، أو التوريث.