بدأت في تونس، وامتدت للجزائر التي وإن سبقت احتجاجاتها وتظاهراتها ما حصل عند جارتها تونس إلا أنها تندلع وتخمد وفقاً لمتيسرات من يقوموا بها. الآن الاحتجاجات والتظاهرات ودعوات التغيير اشتعلت في مصر، وتهدد اليمن وهناك محاولات لإشعالها في الأردن، كما أن سوريا غير بعيدة عنها، بل حتى دول الخليج العربية ليست بمنجى عنها رغم رخائها الاقتصادي وبحبوحة العيش. هذه الاضطرابات السياسية والاجتماعية التي تشهدها الآن المنطقة العربية لا يمكن إخفاؤها لتطور وسائط الإعلام وتقنية نقل المعلومات والتواصل السريع بين من يخطط لمثل هذه التظاهرات والاحتجاجات. والسؤال، لماذا اندلعت هذه الأحداث في هذه الأوقات؟ ولماذا هذا التتابع وتفشي حالات العدوى بين الدول المجاورة؟ وكأن كل دولة تسلم جارتها مشاكلها لتغرق في موجة من التظاهرات والاحتجاجات بعضها تؤدي إلى رحيل رأس النظام والبعض الآخر يجاهد للإبقاء على النظام وفي كلا الحالتين تنشغل الدول العربية في هذا المشكل الكبير فتتعطل برامج التنمية وتنشغل في مواجهة المحتجين الذين يجدون دائماً مؤيدين لهم داخل شرائح الشعب مما يوسع حالة العداء بين الأنظمة والشعوب، وهذه حالة أصبحت مشاهدة في أكثر من بلد عربي. هذا الانشغال واتساع دائرة العداء بين الحاكم والمحكوم، التي تفاقمت نتيجة زيادة أخطاء الأجهزة والمؤسسات التي تدير البلدان العربية لا بد وأن يخدم المتربصين بالدول العربية لتحقيق أطماح إستراتيجية وسياسية، وسواء عملوا من أجل وصول المنطقة العربية إلى هذه الحالة المأسوية عربياً، أو لم يعملوا، فلا بد وأن يستفيدوا مما يحصل، وهذا ما جعل تلك القوى تحصد ثمار الانشغال العربي فيؤول الأمر إليها تقريباً في لبنان، أما الطرف المستفيد الثاني فيكفي النظر للخارطة لمعرفة بأن ما يجاور مصر والأردن وسوريا.. ولبنان الغير المستقرة سياسياً أصلاً.. كيان واحد تأتيه هدايا الحكومات لتعزز بقاءه واحتلاله لباقي العرب.