محمد بن عبدالله المشوح - عكاظ السعودية عندما هاتفت الشيخ عبد الرحمن بن عبد الكريم العبيد عام 1427ه، وكان يعمل آنذاك رئيسا للنادي الأدبي في المنطقة الشرقية، وألححت عليه أن يكون ضيفا لدينا في الثلوثية متحدثا عن تجربته وجهوده العلمية ورؤيته الأدبية للمشهد الثقافي السعودي حاول أن يعتذر بلطف وتواضع، إلا أنني ألححت عليه ليقيني وعلمي بثراء تجربته وعمق رؤيته. حضر رحمه الله واستمع الحضور إلى مسيرة عطاء ناهزت 55 عاما. وإذا كان لأحد أن يكتب عن الذين كان لهم تأثير في قيام ونهوض الصحافة السعودية وتأسيسها، فإن عبد الرحمن العبيد يقع في طليعتهم، حيث كان له دور في تأسيس جريدة أخبار الظهران بل إنه عمل مديرا لتحريرها، إضافة إلى مشاركاته المتميزة في مجلة جريدة الخليج العربي التى أصدرها الأديب عبد الله الشباط وأثنى على مواقف عبد الرحمن العبيد رحمه الله ومساعدته له وتشجيعه له وكانت جريدة أخبار الظهران والخليج العربي مليئة بمشاركات الأديب عبدالرحمن العبيد منذ طلائع السبعينات الهجرية. لقد حفر رحمه الله اسمه ودون عطاءه وخلد ذكراه عبر تلك السلسلة المتميزة من الإصدارات الأدبية والفكرية التاريخية والجغرافية بل إن كتابه الأدب في الخليج العربي الذي صدر عام 1377ه يمثل باكورة الإصدارات الأدبية والنقدية عن الأدب في المملكة العربية السعودية والخليج العربي وهو كذلك الشاعر المتميز المهموم بوطنه وأمته وابتدأ رحلته مع الشعر عبر ديوانه في كوكب الفجر وأمة الحق وفيض من الحب. لقد كان للشيخ عبد الرحمن العبيد رحمه الله دور رئيس في تأسيس نادي المنطقة الشرقية منذ أن تولى رئاسته عام 1410ه وعرف عنه رحمه الله سلوك منهج الاعتدال والوسطية والمحافظة على الأصالة والتراث والبعد عن المشاحنات والغوغائية. تعامل مع الكثير من النزوات والمناكفات بعقل راجح وقلب نزيه ولم يلتفت إلى بعض أغيلمه نهشوا عطاءه ولمزوا مسيرته التى باتت واضحة ساطعة. وإذا كان من إشادة علمية نتوقف عندها طويلا فهو إصداره العظيم المتمثل في الموسوعة الجغرافية لشرق البلاد السعودية، الذي جاء مكملا لمسيرة الرواد الذين خدموا جغرافية المملكة العربية السعودية أمثال الشيخ حمد الجاسر والشيخ محمد العبودي والشيخ عبد الله بن خميس والشيخ سعد الجنيدل.. وغيرهم. كتب عن الجبيل تلك المدينة التى عاش فيها منذ ولد في عام 1933م، حيث كانت قرية صغيرة نائية ثم عاصرها وهي تغدو اليوم من أجمل مدن الشرق الأوسط تنظيما واقتصادا وكان كتابه الجبيل ماضيها وحاضرها وأهداني نسخة منه مع مجموعة إصداراته تمثل بحق عمقا وطنيا وعلميا متميزا. ولم يكتف عبد الرحمن العبيد رحمه الله بذلك فحسب، بل كانت له خطوط علمية أخرى متوازية مع اهتمامه الفكري والأدبي فكتب في القبائل والأنساب والقبائل، كان كتابه قبيلة العوازم أحوالها ومجتمعها إضافة أخرى إلى رصيده العلمي الباقي. إن عبد الرحمن العبيد رحمه الله يمثل بحق بهذه المفاصل المهمة في تاريخ المملكة العربية السعودية والمنطقة الشرقية، خصوصا التى كان لديه إسهام في نهضتها الفكرية والثقافية. وإذا كان ثمة ألم وحسرة فهو أن يرحل ولم تر عينه شيئا من التقدير والاحتفاء خصوصا من نادي المنطقة الشرقية، ولقد قرأت في عينيه خلال لقاءات لاحقة ما يشكوه من ألم القطيعة والنكران الذي قوبل به من بعض المنتسبين للنادي الأدبي في المنطقة الشرقية. وإذا كان ثمة استدراك فهو أن يقوم النادي الأدبي والوجوه الثقافية في المنطقة الشرقية باحتفاء وتقدير له حتى بعد وفاته والأمل في ذلك أيضا منوط بأمير المنطقة الشرقية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز فإنه حفظه الله يدرك جهود الشيخ عبد الرحمن العبيد الثقافية والدعوية في المنطقة خلال مسيرة حياته حتى توفي رحمه الله. رحم الله الشيخ عبد الرحمن وأسكنه فسيح جناته.