نعى عدد من المثقفين والأدباء رئيس أدبي الشرقية الأسبق عبد الرحمن العبيد، مستحضرين بيته الشعري القائل: ما زلت تدأب في التاريخ مجتهدا ... حتى رأيتك في التاريخ مكتوبا ولفت المثقفون إلى أن العبيد أضاء المشهد الثقافي بشعره المتعمق في تفاصيل المجتمع السعودي، فضلا عن مؤلفاته التي شكلت رصيدا ثقافيا وعلميا ثريا للمكتبة العربية. ووصف ل «عكاظ» رئيس أدبي الشرقية محمد بودي رحيل العبيد بالفاجعة للوسط الثقافي، مؤكدا أن الراحل هو مؤسس هذا النادي العريق. وأضاف «ساهم مع مجموعة من المثقفين في نشر الأدب والثقافة وكنا ننوي في أدبي الشرقية توجيه دعوة للراحل لتكريمه وللمشاركة في هذه الفترة الجديدة والانتقالية التي يمر بها أدبي الشرقية، ولكن لا نملك إلا الدعاء للفقيد بالرحمة والمغفرة، وأتقدم باسمي وباسم جميع أعضاء النادي الأدبي بأحر التعازي لأسرة الفقيد، سائلين الله أن يغفر له ويرحمه وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان». وقال نائب رئيس نادي الشرقية الأدبي سابقا الدكتور سعيد عطية أبوعالي: «عندما جاءتني الرسالة التالية صباح أمس الاثنين والتي تقول: (انتقل والدي إلى بارئه)، عادت بي هذه الرسالة إلى لحظة التقيت فيها عبد الرحمن العبيد رحمه الله عام 1399 في محاضرة عن تاريخ المنطقة، نظمها مثقفون في فندق النمر في الدمام، بيد أن الرسالة نفسها أعادت إلي الثقة لأنها من ابنه الذي يدعو له، وهل في الدنيا شيء يتركه الإنسان عندما يموت خير من الولد الصالح الذي يدعو له إلا علم ينتفع به أو صدقة جارية، لذلك أتقدم لجميع أبناء الشيخ وجميع أفراد أسرته ببالغ التعازي». واستطرد أبوعالي «عرفت العبيد شاعرا متألقا في سماء المنطقة الشرقية، ولذلك رشحته للشيخ سعد المعجل رحمهما الله ليلقي قصيدة في حفل أهالي المنطقة الشرقية احتفاء بقدوم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله، في أول زيارة له للمنطقة بعد توليه مقاليد الحكم». وواصل قائلا، لقد التقيته في منزل الصديق الزميل الدكتور محمد بن علي الهرفي في الدمام بعد عام 1400 وكان لقاء حافلا بالأفكار والرؤى والمناقشات وفي مثل هذه اللقاءات نشأت لي معه علاقات ليس فيها إلا فكر وإبداع حتى لقي ربه. وزاد «عندما جاء الراحل رحمه الله ضيفا متحدثا في حفل جائزة الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز للتفوق العلمي، صدر حينها تشكيل النادي لأول مرة واختير العبيد رئيسا للنادي عام 1408 وكان لي شرف العمل معه في النادي الذي ما زال يعمل بكثير من الأسس والقواعد التي اعتمدناها في بدايات تأسيسه». وفي سياق متصل، يقول الأديب خليل الفزيع: «برحيل الشيخ عبد الرحمن العبيد فقدت المنطقة الشرقية أحد أعلامها البارزين، وأحد مؤرخيها الحريصين على تدوين تاريخها وجغرافيتها وتوثيق بداياتها الأدبية، وقد حقق الريادة في هذا المجال، وكان كتابه (الأدب في الخليج العربي) أول إصدار في هذا المجال في المنطقة، وهو رحمه الله أول رئيس لناديها الأدبي الذي شهد على عهده وضع أسس العمل الثقافي في النادي، حيث تميز تاريخ النشاط الثقافي في عهده باستضافة شخصيات بارزة في الحراك الثقافي في بلادنا». المؤرخ والأديب عبد الرحمن الملا، أكد أن خبر وفاة الشيخ العبيد صدمة لجميع المثقفين في المملكة بصفة عامة والمنطقة الشرقية بصفة خاصة، كونه أحد الرواد المتميزين الذين يتمتعون برصانة الأداء في التعبير والإبداع والأدب، وقد سجل تاريخ الأدب الحديث في المملكة له ميزة الريادة في المنطقة الشرقية، وذلك لأن أول كتاب يصدر عن تاريخ الأدب من تأليفه وهو كتاب «الأدب في الخليج». واسترجع الأديب عبد الله الشباط بعض مواقفه مع العبيد، قائلا «عرفت عبد الرحمن بن عبد الكريم العبيد رحمه الله تعالى منذ عام 1374ه، وكان شابا متوقد النشاط عالي الهمة كثير الاهتمام بالأدب والأدباء لم يبخل بالمشورة والمساعدة الأدبية حين أزمعت إصدار (مجلة جريدة الخليج العربي) ووقف بجانبي وشجعني، كما لم يبخل بمقالاته وإنتاجه الشعري على الصحف التي كانت تصدر من المنطقة الشرقية ومنها أخبار الظهران، الإشعاع، والخليج العربي». ورأى رئيس قسم اللغة العربية في جامعة الملك فيصل الدكتور ظافر عبد الله الشهري، أن العبيد رمز من رموز الفكر والثقافة في المنطقة الشرقية، وهو يمثل جيلا من المثقفين الذين خدموا الثقافة والأدب، ولا يستطيع أحد أن ينكر دوره في تأسيس النادي، حيث استمر فيه فترة استطاع من خلالها أن ينهض بهذه المؤسسة الثقافية. رئيس تحرير صحيفة الحوار القاص فالح الصغير، أوضح أن غياب العبيد خسارة كبيرة، حيث عمل بجهد وإخلاص في رئاسة النادي ورصد التاريخ الثقافي في المنطقة الشرقية، مضيفا «عرفته صديقا ناصحا مبديا رأيه بهدوء في كل عمل ويعالج الأمور برجاحة عقل وحكمة، وهو يمثل مرحلة تاريخية في الأدب السعودي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان».