د.عبدالله الحيدري - المدينة السعودية لا يكاد كتاب يصدر في إطار السيرة الذاتية: تنظيرًا أو إبداعًا إلا وأجد نفسي تنازعني لاقتنائه وقراءته، ومن أواخر الكتب التي أتيح لي الاطلاع عليها في هذا السياق كتاب بعنوان “حب الحصيد: ذكريات ومقتطفات”، وهو كتاب ضخم مكوّن من جزأين وفي أكثر من 1600صفحة، وطبع في بريدة بمنطقة القصيم عام 1431ه، ومؤلفه محمد بن عثمان البشر من أحفاد المؤرّخ المشهور عثمان بن بشر صاحب كتاب “عنوان المجد في تاريخ نجد”. والمؤلف تربوي من مواليد بريدة عام 1352ه، وتخصصه الجامعي في التاريخ، ولكن الكتاب يكشف عن سعة اطلاع وثقافة تراثية جيّدة في العلوم الشرعية والعربية، وهو ما ظهر أثره جليًا في الكتاب. وفي المقدمة يبدي رغبته في أن يكون لصدور الكتاب “رجع صدى” كما يقول الإعلاميون فيقول: "أنا باسط يدي ومرهف سمعي وفاتح قلبي لكل تصحيح أو ملاحظة”، ومن هنا أنطلق في تسجيل بعض الملحوظات التي عنّت لي أثناء القراءة، ومنها: غلبة الاستطراد على الكتاب، وخروجه عن موضوعه في أحيان كثيرة جدًا من منطلق أن في الكتاب “مقتطفات” كما ورد في العنوان، وهو استطراد مقصود نص عليه في العنوان والمقدمة، وتصادفنا عناوين فرعية في الكتاب مثل: نفحات قدسية، ومن خصائص المصطفى، ومن شعر الإيمان والحكمة، ومن شعر الوصف البديع، وتربية القرآن الكريم، وغيرها من العناوين التي تذكرنا بالكتب التراثية التي تجمع كل شيء. وهذا النهج في نظري غير مناسب إطلاقًا في هذا العصر، وكان الأفضل أن يخص سيرته الذاتية بمجلد مستقل تمامًا، وهذه المختارات بمجلد آخر وبعنوان آخر لا علاقة له بالسيرة. ومع أن المؤلف تحدث في المقدمة بحديث رائع عن مكانة اللغة العربية الفصحى وعلو شأنها وأهميتها، فلقد طعنها في خاصرتها في مختاراته حينما وضع شيئًا من الشعر العامي جنبًا إلى جنب مع عيون الشعر العربي الفصيح، مع وجود أخطاء طباعية عديدة في الأبيات المختارة. ولغة المؤلف في الجملة جيّدة لا غبار عليها، ولكن الكتاب لم يخلُ من بعض الهفوات، ومنها قوله " إحياءاً" و" شتاءاً" بألف بعد الهمزة، وهو خطأ شائع يقع فيه كثير من المؤلفين، وخاصة المؤرخين، والصواب أن تكتب: إحياءً وشتاءً بدون ألف، في حين توضع الألف في مثل: إن ضوءاً وإن جزءاً..، ومن الأخطاء التي تكررت في الكتاب رسمه لكلمة “اليحيى” بدون ألف مقصورة هكذا " اليحي". وأخيراً: تحية لحفيد ابن بشر على هذا الكتاب الذي حوى ذكريات مهمة عن واقع الحياة في المملكة قبل أكثر من سبعين عامًا، وإلى المزيد من الإنتاج العلمي النافع بإذن الله.