لم أسمع مسؤولاً حكومياً لدينا يقول تأثرنا أو تضررنا أو لسنا مسيطرين, دائما نحن «مسيطرون ولا نتأثر», حين أسمع وأقرا تصريحاً حكومياً يقول إن اقتصادنا «متين» ولم يتأثر بالأزمة المالية نقول صحيح الأرصدة ضخمة وكبيرة وأدخلتنا إلى مجموعة 20 العالمية, ولكن حين تفتش عن التضخم تجد الأسعار تضاعفت, والبنية التحتية بكل تفاصيلها معاناة للجميع, حين يصرح مسؤول حكومي ويقول إن بنوكنا لم تتأثر بالأزمة المالية ويقول إن وضعها «متين وتحت السيطرة, لكن تتفاجأ أن المخصصات البنكية وصلت لما يقارب 18 مليار ومرشحة بنهاية العام أن تكسر 20 ملياراً، هذا في ظل أنه غير متأثر ومسيطر عليه. ولا تسأل عن أي معلومة أخرى وكأنها بنوك حكومية مائة بالمائة, وحين تتم معاقبة شركة وفرض رسوم عليها خارجيا وعلى سلعها أيضا يظهر لنا المسؤول ويقول إن الوضع غير مؤثر وهذه الدولة أو تلك لا تعني رقما مهما لنا, وحين يخرج مسؤول ويشدد ويعبر عن اكتمال التجهيزات وأن الوضع على أفضل حال ومسيطر عليه لمواجهة أي أمطار أو سيول, تجد أننا غرقنا بشبر من أمطار رب العباد سبحانه, والأغرب أننا نتوجه لله سبحانه نطلب الغيث والمطر ولكن أصبح الآن مشكلة ومصائب تحدث بعدها وموتى، أمطار وسيول جدة حاضرة لدينا. وحين تتجه للمطار تجد المسؤول يصر أن الرحلات تقلع بوقتها وأنهم يحققون أفضل نسبة تشغيل، وأن مواعيد الرحلات لا تتغير أو تتبدل ولا يوجد تكدس أو زحام وغيره, ويخرج المسؤول يصر أنه تحت السيطرة ولا يوجد أي تأخر أو مشاكل, وحين تتجه لكوبري الستين بجدة والمطار أيضا تجد تكدس البشر وافتراش الأرض والساحات ويخرج المسؤول ليبرر أن السبب هذا وذاك ولكنه تحت السيطرة ولا يعكس مشكلة فهي مؤقتة. ويأتي مسؤول ويقول لنا جلبنا استثمارات تفوق 554 مليار ريال ولكن لم يقل لنا كم وظفت من أبناء الوطن إلا عددا لا يشكل نسبة مع نسبة الرقم المالي أو دخل للدولة الذي يشكل النفط 85% من دخلها أو أي صناعة أضافت سواء كانت متوسطة أو خفيفة, ويصر كل مرة على أننا الأفضل وأننا نسيطر على الوضع استثماريا ونجذب استثمارات وأن تصنيفنا من العشر الأوائل. حين تنظر لمشاريع المدراس والمستشفيات والنقل والمياه والكهرباء وكل الخدمات وتوظيف النساء وقرارات كثيرة لا تنفذ من سعودة محلات ذهب وليموزين ومحلات ومشاريع تتأخر وغيره, يصر المسؤول لدينا ويخرج كل مرة لكي يقول لنا «استنساخا» وتكرارا, إن كل شيء وفق «الخطة المعدة» وأنه جاري التنفيذ, وأنه ستشكل لجنة وتدرس, وأننا الأفضل, وأن قرارات ستصدر ولكن لا يدري أو يدري أنها لا تنفذ وهي عديدة وكثيرة, ولا أعرف هل المسؤول أيا كان, لا يعرف أو يعرف أن لدينا مشاكل لا حصر لها من بطالة تنمو ولا تتوقف وأزمة سرير وتعليم ومياه وغذاء وتضخم وعمالة أجنبية وغيره كثير, وأننا نعايش الواقع كحياة يومية من المعناة للجميع, لمن يصرح المسؤول؟ وهل يتوقع أنها مقبولة أو تقنع أحدا؟ إن كان يعرف فهي مصيبة وإن كان لا يعلم فالمصيبة أكبر؟ نحتاج مكاشفة لواقعنا لأنها مسمار للحل, عدى ذلك لا يعني شيء ولن يزيد إلا الأزمة أزمات.