الشركات التي تنتج الملابس تفرض إلى حد ما كيف يلبس الناس. الموضة سباق بين الشركات المنتجة للملابس لتقديم المميز والأفضل والأكثر إدهاشا وقبولا بين الناس. انتقال هذه الملابس من أمريكا إلى الهند أو السعودية أو جيبوتي لا علاقة له بالثقافة. لا تختلف مسألة الملابس كسلعة عن السيارات وأدوات المطبخ والمساحي والعتل. كل شركة في العالم تريد أن تكسب أكبر قدر من العملاء. الدلالة الثقافية إذا كان هناك دلالة تكمن في كل السلع لا الملابس فقط. حتى هذه الدلالة بدأت تترنح. تسعون في المائة من المنتجات الأساسية التي يستهلكها الأمريكي تنتج في الصين أو في اليابان أو كوريا. لم نعد نفاجأ إذا قرأنا على المنتج (صنع في بنغلادش) . إذا بحثنا في ذلك سنجد أن الأمر انقلب. صار المستهلك هو الذي يفرض ثقافته. الصين تصمم بضائعها وفقا لثقافة المستهلك الأكبر(أمريكا). الصين تنتج الآن بشوتا وسراويل السنة ومداخن وكليجا ومساويك معقمة. طالما هناك مستهلك فالمصنع على استعداد لأنْ ينتج. المنتجات الصينية هي في الأصل منتجات أمريكية. كلام صحيح تجاوزه الزمن. تجار الملابس العالميون أدخلوا على موضاتهم كل أشكال الملابس العالمية بما فيها العباءة الشرعية السوداء. ما نشاهده من ملابس على الشباب في السعودية هي نفس الملابس على شباب فيتنام وشباب استراليا وشباب آيسلاندا وبقية شباب العالم. هذا يؤكد سخف مقولة استهداف المسلمين. الغرب يملك التجهيزات والقدرات والخبرة لنشر عقيدته أكثر من المسلمين. والأهم من ذلك الغرب يملك القوة والأساطيل. لا أعتقد أن إنسانا في داخل جمجمته أي شيء غير الفراغ يظن أن الملابس التي تنتجها شركات الملابس هي مؤامرة للغزو. لماذا اللف والدوران وتطويل المسألة. ليه يستخدم الغرب الشراريب والسراويل لنشر عقيدته؟ ياخذها من قاصرها. يحتكر وسائل الاتصال. يجعل البث الفكري من جهة واحدة. لماذا يسمح للدعاة استخدام أدواته. يسبونه فيها ويحقرونه ويشنعون على نسائه. يستطيع الغرب أن يحرم الدعاة من التلفزيون والإذاعة والإنترنت ومايكرفونات المساجد. سيضطر ذاك الداعية الذي خبط على رقبته متعهدا بالجهاد أن يقدم مواعظه واحتساباته في حراج ابن قاسم بصوته العاري، وأن يلجأ إلى لعط الفِكس يوميا لترطيب حبال صوته، الأمر الذي سيدفع الغرب إلى منع تصدير الفكس إلى العالم الإسلامي. ما مصلحة الغرب في أن يرى المرأة المسلمة عارية؟ المؤكد أن الجهل أشد ضررا من العري. لو أن الغرب منع عن المرأة المسلمة السفر والتنقل والعمل والاحتكاك بالناس ومنعها بفتوى عن كسب عيشها بنفسها وأخفى عنها في المناهج الدراسية حقوقها الدينية والدنيوية عندئذ نتأكد أن الغرب يريد الإضرار بالمرأة المسلمة ويحتقر إنسانيتها أيضا. بعيدا عن السوتيان كل الملابس قابلة للتبادل بين الرجال والنساء. الفستان والثوب والبنطلون. الملابس التي نراها على الناس مجرد منتجات استهلاكية اكتسبت بعدا ثقافيا (ذكوريا أو أنثويا) بالتعود والمداومة والتكريس. لا يوجد ملبس مطلق ثابت للمرأة ومطلق ثابت للرجل. بكل بساطة يمكن القول إن أيف سان لوران هو مفتي الديار العالمية لشؤون الملابس .. وسلامتكم