للموضة بريق جذاب لكثير من الناس وخاصة الشباب من الجنسين، ولا يقتصر ذلك على عالم الأزياء فقط بل امتد للمكياج وتسريحات الشعر والأحذية وحقائب السيدات وغير ذلك من الكماليات، ومنها ما يناسب طبيعة أي بلد وكل شخص، كما أن منها الغريب الذي لا يتناسب مع طبيعة وعادات وتقاليد شعوبنا العربية، وغالبا ما تأتينا هذه التقاليع من الغرب. والغريب أن شبابنا مولع بالتقليد الأعمى لتلك الموضات الغربية، ويزداد ذلك في أجهزة الإعلام المختلفة عن طريق مشاهير الفنانين أو حفلات بيوت الأزياء، فيسعى الشباب لاقتنائها وتقليدها رغبة في التميز بين أقرانهم. تميز مكلف يقول أحمد.ن، بكالوريوس علوم: “بصراحة أتابع كل جديد فيما يخص الشباب، وأحاول الحصول عليه سواء الملابس أو الأحذية أو تسريحات الشعر، حتى لا يتهمني أصدقائي بالتخلف، وهذا ما نسميه بيننا وبلغتنا الروشنة، وكثيرا ما يعاتبني والدي ويعنفني على ما أرتديه أو على تسريحة شعري وندخل في نقاش وجدل طويل وعقيم، لأنه في النهاية لا يستطيع أن يقنعني برأيه، كما أنه لا يقتنع بوجهة نظري، وعلى الرغم من أن السعي وراء كل جديد في الموضة يكلفني مبالغ كبيرة إلا أنني مصر على اقتناء كل ما يميزني بين أصدقائي. أما علي.و، فيقول: “طبيعة وظيفتي عودتني الالتزام في حياتي كلها، وبالنسبة إلى ملابسي فلا أرتدي إلا ما يتناسب مع شخصيتي والمكان الذي أكون موجودا فيه، فمثلا لا أرتدي الزي الرسمي أثناء جلوسي في النوادي أو المقاهي أو الاستراحات مع زملائي إلا أن ذلك لا يمنعني من الاهتمام بمظهري، وتكون ملابسي جامعة بين الرونق والجمال حتى تناسب شخصيتي”. كرنفال أزياء أما سلمى.ع، فتقول: “كنت لا أهتم بالموضة، وذلك لأنني لا أخرج إلا نادرا، ولكنني في الفترة الأخيرة اعتدت الذهاب مع ابنة خالتي لصالون التجميل الذي تعمل فيه، وهناك لاحظت كرنفال أزياء وكل فتاة تتفاخر وتتباهى بملابسها، على الرغم من أن تلك الملابس لا تتناسب مع الأجواء؛ حيث تبدو الواحدة منهن وكأنها في حفل زفاف”. وتضيف: “وجدتني أقلدهن دون أن أدري، وذلك في كل شيء، وأصبح لا هم لي إلا الاقتناء من الملابس ذات الماركات العالمية وتصفيف شعر على أحدث صيحات الموضة، وعلى الرغم من أن ذلك يكلف ميزانية والدي الكثير إلا أنني لا أستطيع الكف عن ذلك، على الرغم من محاولات والدتي بإبعادي عن ذلك أو حتى التخفيف من حدته، إلا أن كل هذه المحاولات باءت بالفشل بعدما أصبحت مدمنة للموضة، كما يطلق علي أصدقائي الآن”. حرية شخصية ولا تقبل زينب “طالبة بالمرحلة الثانوية” أي نقد لملابسها على الرغم من أنها غير مناسبة بعض الشيء على جسدها وتبرز مفاتنه، وتتهم كل من يحاول نصحها بعدم تقليد تقليعات الغرب بأنه متخلف ورجعي، وهي ترى أن معظم قريناتها من الفتيات ترتديها ويحرصن على اقتنائها، فالبنت اليوم لم تعد مكسورة الجناح ولها مطلق الحرية في كل شيء ومنها اختيار ما تحب أن ترتديه، لأنها قادرة على الدفاع عن نفسها، كما أن الفتاة المحترمة تستطيع أن تحافظ على نفسها أيا كان ما ترتديه”. وتضيف: “رغم تقدم المجتمع في نواح عديدة إلا أنه لا يزال مجتمعا ذكوريا يتحيز للرجل على حساب المرأة، وفي النهاية هذه حرية شخصية للبنت مادامت لا تفعل خطأ”. عروض الموضة ومن تجار ملابس الموضة يقول صالح محمد، صاحب محل ملابس: “الموضة ليست كلها سيئة، فبعضها يناسب مجتمعنا وبعضها لا يناسبه، وعلى الرغم من ذلك نجد كثيرا من الزبائن وخاصة الشباب يسعون وراءها وبكافة أنواعها، فالمهم أن يمتلكوا أحدث خطوط الموضة بصرف النظر عن كونها مناسبة أو غير مناسبة، وأنا كصاحب محل ملزم أن أوفر لهم كل جديد، وعلى المشتري أن يختار ما يناسبه ويتفق مع إمكاناته المادية أو على حسب المكان، الذي يقيم فيه، فهناك ملابس لا تناسب المنطقة التي يسكنها وتسبب للشاب مشكلات ومضايقات بين من يقيمون معه”. أما الحاج عبدالله مصلح، صاحب محل، فيحدد موضة هذا العام في الشباشب المطرزة بالترتر والخرز، وهو حريص كل الحرص على أن تكون بضاعته مرضية لكل الأذواق، ويقول: “تحرص الفتيات على شراء الشنط الكبيرة العملية ذات الألوان الفاتحة، مثل الأبيض والبيج، ومازال الجينز له زبائنه المولعون به”، أما عن موضة الشباب والرجال فيعتبرها هادئة نوعا ما عن النسائي، وعن سعي الشباب وراء الموضة، فإنه لا يجد لديه مشكلة في ذلك، حيث إنه يتاجر ببضاعة لا تسبب مشكلة مع العرف أو التقاليد. تشبّه محرم فيما يؤكد الدكتور أحمد عبدالراضي أستاذ الدراسات الإسلامية أن الإسلام لم يحرم نوعا ما من الأزياء ولم يحدد هيئته، التي يجب أن يكون عليها الفرد ولكنه نظم كيفية ارتداء هذا الزي كي يطابق المظهر الجوهري، الذي نادى به الدين الإسلامي وألزم كلا الجنسين على السواء أن يقتدي به، وألا يخرج عن تقاليد وعرف المجتمع، فنجد أنه يحرم لبس الذهب والحرير على الرجال حتى لا يتشبهوا بالنساء، وأيضا حرم على المرأة التشبه بالرجال في زيها، وبلا شك أن هذا التنظيم إنما يضع الشيء في موقعه الصحيح، من هنا فإن ما نراه اليوم من مسايرة للموضة الواردة من خارج مجتمعنا في الملابس وتصفيف الشعر وخلافه يعد أمرا مستفزا ويؤدي بالشباب للدخول في دائرة الخلاعة. ويضيف عبدالراضي أن ارتداء المرأة للبنطلون الضيق والملابس الشفافة العارية يوضح مفاتن جسدها ويجعل الفتاة عرضة للإيذاء سواء بالقول أو الفعل في الطريق العام، والإسلام يحض على حسن الهيئة سواء للرجل أو المرأة. أما الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، فتقول إن الشريعة الإسلامية وضعت الآداب والضوابط، التي يجب أن يتحلى بها الرجل والمرأة في المظهر والسلوك، حيث قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: “لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء ولعن الله المتشبهات من النساء بالرجال”.