بعض القضايا الاجتماعية يصعب اتخاذ رأي محايد تجاهها، خصوصا لو كان فيها رأيان متناقضان.. وكلاهما صحيح. عمل المرأة على (الكاشير) إحدى هذه القضايا التي تأخذ اتجاهين متناقضين تماما.. والجميل.. أن كلا الطرفين يرى القضية من منظور واحد وهو (مصلحة المرأة) والله أعلم بالنوايا. في محاضرة سماحة المفتي العام للمملكة في جامعة أم القرى قبل الحج، وهو رجل سمح في خلقه وفي خلقته وفي فكره، أشار مباشرة إلى كتاب الصحف ودعاهم إلى كلمة سواء. وفيما يخص عمل المرأة، في سياق آخر، تحدث عدد من العلماء حول تناسق الفتوى (13/17) التي تنص على جواز عملها بشروط شرعية، . وهنا لابد من الإشارة إلى أن الفتوى بالنسبة لنا تعتبر قانونا، والقانون يجب أن ينفذ حتى ولو لم يكن في مصلحة المجتمع.. وإلا سادت الفوضى وعم الارتجال.. كما يقول المصلحون الاجتماعيون والحكماء والفلاسفة. ولكن الفتوى لم تكن مطلقة، وقد وضعت قيودا وشروطا ليست صعبة التنفيذ، فقد اشترطت: الحشمة والتحجب والاحتياج.. واستبعدت: الزينة والخلاعة والخروج عن مذهب الأهل والدين. أليس هذا ما نطالب به جميعا؟. إذاً، المبدأ هو التقنين وليس المنع. مما يعني أننا لا يجب أن ندخل في مشكل هو ليس مشكلا من الأساس. المطلوب هو أن يتم وضع آلية تتوافق مع ما جاءت به الفتوى، وذلك على النحو التالي: أولا، أن تلتزم بالشروط المحافظة السابقة التي يجب أن تلتزم بها حتى بدون فتوى ، ثانيا، أن لا تعمل (كاشيرة) إلا في محلات تقع ضمن أسواق كبيرة (مولات)، حيث يتوفر رجال الأمن طوال الوقت، ثالثا، أن تحدد ساعات عملها من (8) صباحا وحتى الساعة (10) مساء فقط، رابعا، أن تعمل في المحلات التي يكون معظم عملائها من النساء، وهي معروفة بدون ذكر أسمائها، خامسا، أن يتم تخصيص خط بيع نسائي فقط.. فكما نتجنب بيع المرأة للرجل يجب أن نتجنب بيع الرجل للمرأة أيضا.. وهذا يتم تطبيقه خصوصا في السوبر ماركتات الكبيرة حيث عدد العملاء النساء أكثر من عدد الرجال. وفوق كل ذلك، وضع رقابة على الجميع.. سواء (الكاشير) الرجل أو المرأة. رجاء نرفعه إلى أصحاب القرار أن يتم وضع آلية لعمل المرأة (كاشيرة) في المحلات، وذلك لفتح المجال أمام النساء وهن قلة في كل الأحوال الراغبات في هذا العمل، علما، أن من تحتاج العمل وهذا ضمن الفتوى ستقبل بالشروط وتلتزم بها، أما من تريد العمل فقط كما تنص الفتوى (13/17) أيضا من أجل (الاختلاط بالرجال.. متزيّنة بكامل زينتها خالعة حجابها وخارجة عن مذهب أهلها ودين شعبها) فلن تقبل بتلك الشروط.. وفي كل الأحوال فإن (الفضيلة) ذاتها لا تريد أن تلتقي بمن لا تلتزم بتلك الشروط على الكاشير.