وبما أنني تحدثت بالأمس عن الوأد في الجاهلية، يمكن أن نكمل في هذا الاتجاه، علنا نعرف ما الذي بقي من ثقافة الوأد، وإن لم يعد هناك دفن تحت التراب؟ ثمة من يعتمد على حديث «البعض يراه صحيحا والبعض الآخر يراه موضوعا» ليمرر فكرة الوأد المعنوي، مفاده أن أكثر أهل النار من النساء، ومن يعتقد أنه صحيح يرفض الجدل حوله، فيما من يراه غير صحيح يعتمد على أن الإسلام قائم على المنطق، والمنطق يؤكد أن من يخوض الحروب والقتل والسبي والنهب عبر تاريخ الإنسان منذ نزول آدم رجال، وأول جريمة قتل سجلت لصالح الرجال، ونادرا أن يحدث هذا من النساء، وعبر التاريخ يمكن لك أن تقرأ عن قطاع الطرق، لكن التاريخ لا يسعفك بذكر قصة واحدة عن نساء قررن أن يقطعن الطريق، حتى الخطيئة هي نتاج شخصين «رجل وامرأة»، فكيف أصبحن أكثر أهل النار. سأترك السؤال معلقا عل أحدا يفكر في الأمر وينظر له من زاوية لم ينتبه لها الكاتب فيصحح له .. وأكمل مع ما أفرزته فكرة الوأد. هناك مثل أسمعه وربما يسمعه الكثير حين يتحدث زوج ما عن مشكلة مع زوجته، فيردد الآخر مثلا يتداوله الرجال كحكمة تقول: «اضرب زوجتك كل صباح، فإذا كنت لا تعرف السبب فهي تعرفه»؛ بمعنى أن المرأة تستحق الوأد والضرب لأنها على خطأ دائما، وإن لم يعرف الزوج ما الذي فعلته، فهي تعرف أو تستحق أن تضرب. تخيل عزيزي الرجل لو أن المرأة هي من شكلت الثقافة لتحقيق مصالحها، وأوجدت مثلا يقول: "اضربن أزواجكن كل صباح، فإذا كنت لا تعرفين السبب فهو يعرفه»، ألن تشعر بالظلم؛ لأن هناك من يراك على خطأ دائما، ودائما تستحق الضرب؟ أخيرا .. إن الفارق بين كل الثقافات الذكورية وغيرها وبين الثقافة الإسلامية العدل، فالإسلام قائم على العدل والمساواة بين البشر «رجل وامرأة»، فيما باقي الثقافات قائمة على تحقيق مصالح أصحابها. بقي أن أقول: إن فكرة الوأد وإن كانت تبدو لحماية المرأة من أن تسبى وتغتصب، إلا أن وجهها الآخر يقول: توأد المرأة حتى لا يشعر زوجها / والدها بالعار والخزي، فيطأطئ رأسه، لهذا يضحي بها حتى لا يحزن.