أحمد عبدالرحمن العرفج - المدينة السعودية لا يَخبو الجَدَل حول المَرأة، حتَّى يَعود إلى الوَاجهة مِن جَديد، بفضل الرَّجُل الذي يَتحدَّث نيابةً عن المَرأة، دُون أن تَطلب هي مِنه ذَلك، لكن تَغيُّرات شؤون وشجون المَرأة تَحدث ببطء، رَغم كَثرة الضَّجيج والغُبار الذي يُثيره «تَفحيطها»، في كُلِّ زَاوية وخَبر ومَقال..! فقَبل سَنوات غِبتُ 40 يَومًا عَن الوَطن، فأرسل لي صَديق رِسالة يَقول فيها: «أدرك قَومك، فقد جنَّ جنُونهم، النِّساء مِن بَعدك يَقُدنَّ الطَّائرات، ويُشاركن في مُسابقات الخيول، ويَذهبن -مِثل الرِّجَال- لحضور مُباريات المُنتخب السّعودي؛ التي تُقام في الدّول المُجاورة».. وحين عُدتُّ وَجدت أنَّ الأمور لَم تَتغيَّر، وما نَقل لي الصَّديق مُجرَّد استثناءات تُؤكِّد القَاعدة ولا تُنفيها، فكيف تَستطيع المَرأة أن تَمتلك زِمام المُبادرة، وهي لا تَستطيع التَّعبير عَن نَفسها؛ دون الاستعانة بشَقيقها الرَّجُل..؟! حَسنًا.. هَا هو قَاضي المَحكمة الجزئيّة بالرِّياض؛ يُؤكِّد لصَحيفة «عناوين الإلكترونيّة» في 18/7/2010م، أنَّه ليس هُناك أي مَانع شرعي يَمنع المَرأة مِن مُمارسة مهنة المُحاماة، وأنَّ المَرأة هي الأنسب للدِّفاع عن حقوق النِّساء في مَحاكم الأحوال الشَّخصيّة.. وفيما لو تَحقَّق ما يَقوله هَذا القَاضي؛ ستَكون الفُرصة مُواتية لتُحقِّق المَرأة شيئًا لنفسها دون الاستعانة بالرِّجَال..! ورَفض «الغيث» أن يَكون رأي مَن يُحرِّمون مُمارسة المَرأة للمُحاماة مُلزمًا لغير مَن يَقول به، مُؤكِّدًا أنَّ وجود المُحاميات بشكلٍ قَانوني سَوف يُطوِّر هذه المهنة للمَرأة في المُستقبل، ويُشارك في رَفع الظُّلم عَن بَعض النِّساء اللاتي يَعجزن عن المُطالبة بحقوقهن..! ولم يَكتفِ «الغيث» بتَشجيع النِّساء بذلك فقط، لأنَّه حَقّ لَهُنَّ، بَل اعتبره وَاجبا عَليهن لحِفظ أعراضهنَّ، وأموالهنَّ وجميع حقوقهنَّ..! وفي شَجاعة نَادرة قَال «الغيث» بأنَّه سيَقبل تَرافُع المُحامية أمامه، مثل ما قَبِل هو وغيره بتَرافع النِّساء أمامه أصيلات –أي صَاحبات دَعوى- أو وَكيلات..! وسَاق «الغيث» حِججه التي يَستند عليها قَائلًا: إنَّ المُحامية يُمكن مُحاسبتها لو قَصَّرت في حِشمتها، بخلاف الأصيلة، وأنَّه مُنذ القِدَم والمَرأة تَحضر للمَحكمة؛ إمَّا أصيلة تُطالب بحقِّها، أو تُدافع عن نَفسها، وأنَّ الكثير من النساء يَحضرن بصفتهن وَكيلات عن غيرهن، بموجب وكالات شرعيّة، للمُطالبة بحقُوقهن أو الدِّفاع عَنهن..! وأضاف «الغيث»: إنَّ كِتَابات العَدل مُنذ القِِدَم تُصدر الوكالات للنِّساء، ولو مِن الرِّجال، وهذا جَائز في الشَّريعة الإسلاميّة بأن تُوكَّل المَرأة في الخصومة، ولا يُشترط الذّكور في الوكالة، لذا فامتهان الوكالة –أي المُحاماة- جَائز، ولا دَليل على تَحريمه.. وزاد «الغيث» على ذلك قَائلًا: المَرأة فعليًّا كَانت تُمارس المُحاماة مُنذ القِدَم، ولكن بطريقة غير مُنظَّمة عَبر الوكالات، وتَحضر إلى المَحكمة، وتُقدِّم دَعواها عَن الغَير، ولو كَان رَجُلًا..! حَسنًا.. إذا كَان الأصل أنَّ كُلّ شيء حَلال، مَا لَم يُحرَّم بنَصٍّ صَريح، فلا أفهم لِمَ يُحرِّم البعض مَا أحلَّ الله..؟! فسمِّ بالله يا أَمَة الله، وانصري أخواتك المَظلومات، ولا تَعبئي بمَن يَتخذنَّكِ أحبولة في حراج «الذَّرائع»..!.