في قضايا الأدب وشؤون وشجون الثقافة لا تتعزز قيمة الأدوار وأهمية الأشخاص، إلا بمدى الإضافة الحقيقية في المعرفة والإبداع وبمدى الحضور الدائم المضيء والخلاق، وكل ذلك لا يأتي هكذا جزافا ولا اعتباطا ولا قفزا على الأسوار والحواجز ولكن من خلال معنى أن تكون مختلفا عن الآخرين ومختلفا حول ما تقول وما تكتب وما تفعل وهو ما يتأكد في حالة مثقف مثل الدكتور عبدالله الغذامي، في القضية الثقافية والنقدية المثارة حول الكتاب الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب للباحث الجزائري حفناوي بعلي والمعنون «مدخل في نظرية النقد الثقافي المقارن» والتي أثارها الزميل عبدالله السمطي، مشيرا .. السمطي بقراءة ماعنة متفحصة إلى تجاوز الباحث الجزائري مرحلة الاقتباس المنهجي والعلمي من كتاب الدكتور عبدالله الغذامي «النقد الثقافي قراءة في الأنساق الثقافية العربية» وهو ما يوصف بأنه سرقة أدبية واستحواذ على جهود الآخرين دون إشارة أو تقويس أو اتخاذ كتاب الغذامي كأحد المراجع الأساسية والمفصلية، وهو ما يعد في الأعراف العلمية سرقة أدبية، بل إن الباحث الجزائري بعلي أخذ من كتاب «دليل الناقد الأدبي» للدكتور سعد البازعي وميجان الرويلي بحسب السمطي دون أن يشير إلى ذلك أو يذكر المرجع (وهو ما سوف تكشف عنه عكاظ). في هذه القضية الثقافية والنقدية والعلمية ينبغي أن تدار حلقات علمية وبحثية في المؤسسات والجامعات حول ظاهرة السرقات في البحوث العلمية والأدبية ويجب أن تكون هناك أسئلة مثارة ومهمة حول أخلاقية العمل المنهجي وضرورة إضاءة الكثير من المسائل التي لا يعرف عنها القراء وعامة الناس الذين يتلقفون الكتب ويقبلون على قراءتها في حين يمكن أن تكون هذه الكتب في مجملها مبنية في كتابتها وتأليفها و«توليفها» على بحوث وكتابات أخرى، أي على حساب جهود مؤلفين ومبدعين حقيقيين وليسوا مزيفين. ولكن وسط هذا الغبار المثار حول أخذ الباحث الجزائري حفناوي في كتابه «مدخل في نظرية النقد الثقافي المقارن» من كتاب الغذامي «النقد الثقافي» صفحات كاملة، يحضر هنا الدكتور عبدالله الغذامي المضيء أبدا بما يعمل في الفكر والمعرفة وبما يأمل في أن يبلغه ويتوق إليه باحثا جادا يمثل النموذج والمثال للمثقف السعودي. وما استقالته من جائزة زايد للكتاب إلا دليل ناصع على أهمية دور المثقف من حيث تحمله لمسؤوليته الأخلاقية وموقفه الذي يأتي في نفس اللحظة ونفس التوقيت.