محمد الرشيدي - لرياض السعودية انفلتت الأمور تلفزيونياً في التعامل مع أحداث كرة القدم لدينا، مشاحنات، ألفاظ غير مستساغة، قلة أدب في أحيان كثيرة، أنا هنا أتناول إفرازات الفضائيات وتأثيرها على المشهد الرياضي لدينا، أكثر من مراسل ميداني يتنافسون وبشراسة للظفر بشتم أو استهزاء أو حالة غضب داخل الملعب بدعوى السبق الإعلامي!. منافسة بالثرثرة من نوع آخر داخل استديو ما يسمى التحليل الرياضي، تناقضات وتعصب وسياسة خالف تعرف على حساب كسب تعاطف المشجع المشحون والمفلوتة أعصابه، الصياح والنرفزة هي الفيصل المشترك ما بين المحللين الرياضيين، بين شوطي المباراة تضحك وتتعجب عندما يطالب المحلل التلفزيوني من المدرب أن يغير بالخطة ويستبدل فلانا وعلى اللاعب فلان أن يكون اكثر هجومية ومراقبة للاعب فلان، رغم أن المعنيين بالأمر المدرب واللاعبين مشغولون بين الشوطين بالاستراحة وشرب المياه والاستماع الموجز لتعليمات المدرب!. لو أعطى كل محلل رياضي تلفزيوني الفرصة لنفسه لمتابعة تحليلات مدرب نادي الارسنال الفرنسي ارسين فينجر اثناء مشاركته مع طاقم فريق قنوات الجزيرة الرياضة في كأس العالم الأخيرة بجنوب افريقيا، لأصبح التحليل الرياضي التلفزيوني أكثر احتراماً، المصيبة الكبرى ان إخواننا الخليجيين أصبحوا متعصبين لأنديتنا ولاعبينا أكثر من محللينا، الأمر لا يعدو كونه "تمثيلية" إعلامية، لأن وجهة نظرهم أن الجمهور عاوز كده والقناة التي يعملون بها أيضاً!. الأمر ليس مجرد كرة قدم، لدينا للأسف أصبح وبصورة سريعة منجم للتشاحن والبغضاء، أصبحت التغطيات التلفزيونية لمباريات كرة القدم خطيرة جداً، لأن توجهها بالمقام الأول لفئة عمرية تتميز بالاندفاع والتأثر السريع، مما يعمق وبصورة مباشرة للتعصب الرياضي الأعمى، والذي لن تكون حدوده مقتصرة على الملعب فقط وإنما في كل مكان، وخصوصاً إذا تزامن ذلك مع فوز، وتحول هذا الفوز لفوضى بالشوارع تتميز بالعنف والغضب. نحتاج لسياسة إعلامية تضبط هذا الانفلات، الأمر ليس تنافساً وإثارة رياضية، إنما تأسيس لمرحلة تعصب وعدوانية خطيرة جداً، تستغرب أن معلقاً رياضياً يتلفظ بألفاظ خارجة عن اللباقة والأدب، رغم أن اللاعبين والإداريين المعنيين بالأمر لم تكن تصرفاتهم بهذه الرعونة، ماذا تتوقع ردة الفعل عندما يظهر لاعب وبحالة عصبية ويقول أمام المشاهدين في منازلهم الراغبين بالمتعة الرياضية إن الحكم قال له: "انقلع عن وجهي" كلام خطير، ماذا يهم المشاهد خصوصاً أنه يمكن أن ينقل هذا الكلام لإدارته وتتم المعالجة بصورة لائقة، ولكن ما ذنبنا أن نستمع لهذه العبارة غير اللائقة، هل نكون أكثر حذراً عندما تأتي التصريحات الغاضبة والبعيدة عن التحكم بعد كل مباراة، أم نستمتع بإغلاق صوت التلفزيون، انعكاسات هذا التشاحن أخطارها كبيرة، والمدهش أننا كل يوم نشاهد محللين وبرامج أكثر تعصباً ولا نضحك على أنفسنا بالقول أنها أكثر إثارة.. أتمنى أن يؤخذ هذا الأمر بجدية أكبر وعلى أعلى المستويات لدينا، لأننا لا نريد أن تصبح قلة الأدب عنواناً بارزاً للمباريات خارج الملعب ويكون جيل مشاهدي كرة القدم من الصغار مستوى ألفاظهم بمستوى الذي يشاهدونه أثناء وبعد مبارياتنا الكروية، هل من خطوات تحد من هذه الظاهرة التلفزيونية الخطيرة، أتمنى ذلك!.