قفزت مشكلة الشباب عندنا في الرأي العام، من مشكلة إدارة بيروقراطية مالية، وإدارية، إلى مشكلة وطنية بعموم المسألة، وليس في جزئياتها، هذا لنعي مستوى خطرها القادم، والخطر هنا يأتي من الإبطاء في قرارات جيل، أو جيلين من الأعمار الصغيرة، والأصغر، التي لا تحتمل نفسيا وعمريا هذا الإبطاء في الحلول.. وفكرتي هنا أن ينقل أمر القرار في كل دول الخليج من قرار حكومات، وإدارة إلى قرار وطنية لتسريع الحلول والتعجيل بالقرارات، وفك اختناقاتها الحال المالية والإدارية لتسييل المشكلة وجعلها مشكلة طبيعية في مساربها الصحيحة. هذا الكلام يأتي من مفهوم أن من هم صغار اليوم، ويتعرضون للكثير من الانتظار، وبعضهم يكبرون محبطين، هم من سيصير صاحب القرار في عقد، أو عقدين من الزمان، وهي مدة قصيرة تشهد الكثير من التحولات الاجتماعية المطلوبة وغير المطلوبة، وبسرعة الإليكترون، والنترون. لا أحبذ التعبير السائد بأن الشباب في دول الخليج هم قنبلة موقوتة؛ ولكنهم حقيقة يعيشون حالة صعبة بين سرعة الواقع، والإبطاء في قرار فتح مسارات الحياة لهم، وكوني من قاعدة المجتمع وأعيش بين أفراده، لا بين أثريائه، وعلية القوم منه، أؤكد من الواقع حولي أن هذه المشكلات تغلي بحرارة في باطن كرة من صغار السن محبطين، ويشعرون بكثير من العجز أمام الأبواب المغلقة أمامهم، قد لا يراها الإداري المتباطئ، أو مرتاح البال. الشباب بحماسهم، وحرارتهم الطبيعية يريدون أن يسيروا قدما في سبيل تحسين أوضاعهم، ويعتقدون أن قرارات الإبطاء (فلترة) القرار مقصودة لعرقلة مسيرتهم، وحرمانهم من الوظائف بعد أن تأهلوا مرحليا. هذا كله كلام في العموميات، ولكن من يدخل مجتمع الشباب والشابات ليسمع، سيجد الكثير من الشكوى والكثير من الإحباط الذي يعم، وخطر هذه الشكوى، وهذا الإحباط يأتي من كونها حالة عامة متفاقمة، وليست فئة كما يصورها لنا إداري، أو منظر في مكتبه، وهي إلى الآن لم تعالج في مستواها العام، وإن عولجت جزئيات منها، وليست حالات خاصة كما يكتبها الإداري التقليدي بسبب سفه الشباب، لكنها نتجت من إسناد قراراتها في المستوى الإداري الأدنى لفكر تقليدي لا يدرك حاجات الشباب، ويأخذها بسعة الصدر لا كما هي. عندما يسعى شاب، أو شابة إلى طريق العمل، والزواج، والسكن، وحتى أبواب الترفيه الضروري، فيجد هذه العراقيل الكثيرة في سقف المجتمع، ويطأطئ رأسه فهو يعاني من ألم شديد، لا يعرفه إلا من عايشه واقترب منه، ولن يعي هذا الحال مدير عام، أو وكيل وزارة يبطئ في المعاملات بحجة الدراسات، أو القرارات المالية، فهذه الأشياء المؤجلة لا تعني شيئا لعقل شاب ينتظر الحلول، وهذا الإداري المتباطئ لو كان شابا في عمر من يتعامل معه لتغير الحال، وعرف أنه يسبب أضرارا نفسية للشاب والمحيطين بالشاب رجالا ونساء، تؤدي إلى الكثير مما لا تحمد عقباه.