عبدالله ناصر الفوزان - الوطن السعودية عندما لاحظت منذ عدة أشهر أن وزير الشؤون الإسلامية الدكتور صالح آل الشيخ بدأ ينتقد رفع أصوات الميكروفونات في المساجد إلى حدود غير مقبولة، ويدعو في تصريحات نشرتها الصحف آنذاك إلى تخفيض تلك الأصوات قائلاً ما معناه إنها أصبحت لقوتها تشوش على بعضها وتؤذي الأطفال والمرضى في المنازل، وإن صوت بعضها يصل إلى مسافات بعيدة، ثم لاحظت بعد ذلك أن الأئمة والمؤذنين أو بعضهم على الأقل لم يأبه لكلامه حيث ظلت الأمور على حالها أو زادت، كتبت مقالاً نشرته "الوطن" آنذاك عنوانه ((كلما حذر الوزير أضاف الإمام ميكروفوناً آخر)) وقد قابلت الدكتور صالح بالصدفة بعد عدة أيام من نشر المقال في بيت أحد الأصدقاء فعاتبني بحرارة على ما ورد في مقالي مؤكداً أن الأئمة والمؤذنين يستجيبون لتوجيهاته خلافاً لما قلت، وأنهم خفضوا ويخفضون أصوات الميكروفونات، فقلت له إن المعلومات التي يزود بها ربما غير دقيقة لأن أصوات الميكروفونات مازالت عالية ولم يتغير شيء بل ربما أن العكس هو الصحيح، ولم نستكمل حوارنا لضيق الوقت، فكتبت مقالاً آخر عن الموضوع بعد عدة أيام وحينذاك اتصل بي وكرر ما قاله لي سابقاً وطلب نموذجاً يؤكد صحة كلامي فأعطيته النموذج، وحصل تخفيض للصوت بعد يومين لكنه لم يستمر سوى أربع وعشرين ساعة بالتقريب عادت بعدها الأمور إلى سابق عهدها بل أشد.. الذي دعاني للكتابة الآن ليس تلك الحالة السابقة، ولكن حالة جديدة أكثر إدهاشاً، فقبل رمضان الحالي نشرت الصحف للدكتور صالح تأكيدات قوية لم تكن على شكل نداءات للأئمة والمؤذنين كما يحدث في السابق، بل على شكل خبر مؤكد كان نصه كما جاء على لسان معاليه كما نشرت "الوطن" يوم 23/8/1431ه ((إن تنظيم استخدام مكبرات الصوت يحتم عدم تسببها في إزعاج الناس خصوصاً المرضى وصغار السن والمجاورين الملاصقين للمساجد وبالتالي فإن مكبرات الصوت الخارجية في صلوات التراويح ستقتصر على الجوامع، أما المساجد العادية فتغلق مكبراتها الخارجية لأن الغرض هو إسماع الصوت لمن بداخل المسجد فقط)). هذا هو ما قاله معاليه، أي إنه أخبرنا بذلك ويعني هذا أن الأمر منته وأنه قد تم اتخاذ التدابير والترتيبات النهائية لذلك، والمفروض أن نعتبر ما قاله الوزير (كلام نهائي) ولا نشك ولو لحظة في أن ما أخبر عنه سيحصل، لكن بسبب الخلفية التي لدي ظل في نفسي (شيء من حتى) وبقيت أرقب الأمر لأتأكد من أن ما أخبر به الدكتور صالح قد حصل. لقد اعتدت على عدم تجاوب بعض الأئمة والمؤذنين مع توجيهات معالي الوزير، ولذلك فإن هذا الأمر لم يعد يدهشني، ومع هذا فقد اندهشت كثيراً في الليلة الأولى لشهر رمضان ليس لأن ميكروفونات المساجد العادية الخارجية أو بعضها ظلت على حالها كما كانت سابقاً من خلال صلاة التراويح ولم يتم إيقافها والاكتفاء بالميكروفونات الداخلية، فعدم الاستجابة لتوجيهات معالي الوزير – كما ذكرت - صار أمراً عادياً لا يدهش، لكن اندهاشي الشديد كان لأن الوزير كان قد أخبرنا ولم يطلب أو يوجه، أي إن الوزارة قد اتخذت الترتيبات اللازمة واطمأنت لما سيحصل واطمأن الوزير بل تأكد من ذلك ولذا بث تصريحه لوسائل الإعلام على شكل خبر. الآن بعد وصول الأمر إلى هذا الحد لابد أن نتساءل عن الدور الذي يمارسه الدكتور صالح... هل هو دور الداعية الذي يحاول إقناع الآخرين بالحسنى ثم يتركهم لهداية الله، أم إنه دور الوزير الذي يصدر أو يبلغ السياسات والأنظمة والتشريعات والتعليمات ثم يعمل على حمل أجهزته على تنفيذها بالوسائل والصلاحيات التي لديه...؟؟ هل الدكتور صالح داعية أم وزير..؟؟