حليمة مظفر - الوطن السعودية لم تكن لحية الشيخ (سابقا) صالح النهابي وتقصيره لثوبه؛ ليتولى بهما مهمة الخطيب والإمام للناس في الصلاة لزمن؛ إلا لباسا يرتديه ضميره كي يحتال عليهم في غفلتهم ب"تدين شكلاني" لا "جوهري"؛ فعمّر حساباته البنكية بملايينهم؛ ورغم تورط النهابي في الاحتيال ومماطلته الناس في حقوقهم؛ إلا أنه لم يقبض عليه إلا بعد أن تحولت " اللحية " إلى "سكسوكة" وأطلّ حليقا في مجلة "باريس نجد"؛ مستبدلا ثوبه القصير بأزياء غربية عصرية !! وأتساءل؛ رغم تورطه في حقوق الناس منذ فترة، هل كانت " اللحية" سببا للثقة في أنه سيرد أموالهم التي صرف منها في أسفاره ببدخ! وحين نزع اللحية نُزعت منه الثقة فور أن كشفت "السكسوكة" عن هوية ضميره المحتال!؟ هل اللحية وتقصير الثوب كل شيء في الدين !؟ هل القفازات والعباءة على الرأس والجوارب السوداء كل شيء في الدين !؟ بالطبع "لا ". إن قصة احتيال النهابي مستغلا اللحية وإظهار التدين لاستغفال الناس؛ تلقي الضوء على "شكلانية التدين" التي ما تزال في الثقافة الاجتماعية سببا من أسباب الإغواء الاجتماعي للحصول على الاحترام والثقة؛ حتى إن كثيرا من الوافدين فهموا هذه اللعبة ومارسوها باحتراف؛ وباتوا يلجؤون للحية كي يحصلوا على الاحترام في ثقافة ما تزال تؤمن بقبلي وخضيري وحضري؛ فيما تُنزع تماما ممن لا تبدو عليه ملامح التدين المتعارف عليها!! فهذه الثقافة عززتها منابر الصحوة التي تجاهلت تحفيز العقول ودفعها للإيمان بأن الدين محلة الضمير أولا لا الذقن والملبس!! وإن لم يكن الضمير مشبعا بالتدين لينعكس على تصرفات الإنسان وسلوكياته التي تقوم بها جوارحه؛ من أبسطها رسم ابتسامة على الوجه ولو كان حليقا؛ وانتهاء إلى قول المعروف بين الناس دون تجريحهم أو مصادرتهم. والتحرر من "شكلانية التدين" في الثقافة الاجتماعية هو ما ينبغي أن نستفيده من قصة النهابي وغيره ممن تناقلت أخبارهم الصحافة؛ كبعض أئمة المساجد الذين تم القبض عليهم؛ أحدهم متهم بالتستر على ساحر يشاركه عمله؛ وآخر يحتفظ بصور وأفلام إباحية في جواله، وآخر يمارس الرقية ليتحرش بالنساء؛ إلى آخر ما قرأناه؛ فيما بقي آخرون يمارسون ذات الغواية ولم يفضحوا بعد! مستغلين تعزيز "شكلانية التدين" في ثقافة المجتمع؛ فباتت وسيلة سهلة لا تتطلب سوى لحية وثوب قصير يستغلهما المحتالون والفاشلون والمجرمون للحصول على احترام الناس والتصديق بهم وبآرائهم؛ يتاجرون بدين الله تعالى للحصول على رزق وفير كما فعل النهابي وأمثاله!! ولكن كما أعتقد أن هذه القصة وغيرها لمحتالين في ظلّ ما يعيشه المجتمع من حراك فكري وديني وثقافي، مكنت الكثير من السعوديين من ا لوصول إلى نضج عقلي لإدراك حقيقة من يمارسون هذه الغواية "الشكلانية" لاستغفالهم طلبا لاحترام دنيوي زائف !! والله المستعان.