إذا كان الرجل السعودي يعاني في الغالب من داء التسلط والاستبداد، فإن المرأة السعودية تعاني في الغالب من داء الأنانية. كثيرات ممّن يروّجن لمبدأ المساواة بين الجنسين، يطمحن في الحصول على المساواة مع الرجل على صعيد الحقوق، لكنهن يردن في نفس الوقت الاحتفاظ بمزايا المرأة الشرقية التقليدية التي يلتزم زوجها بالإنفاق عليها ببذخ لا يحصل عليه إلاّ ساكنو وساكنات القصور. هذا المنطق الأعوج ليس إلاّ نتيجة طبيعية للاستسهال البالغ في استخدام مصطلح (الثقافة الذكورية)، وتحميله تبعات كل الأعراض المرضية التي تخص علاقة الرجل بالمرأة. شخصيًّا أعتقد أن الثقافة الذكورية مسؤولة إلى حد غير قليل عن الكثير من التعقيدات التي تتميز بها العلاقة بين الرجل والمرأة في العالم العربي. لكنني أعتقد أن هناك عوامل أخرى مسؤولة إلى جانب الثقافة الذكورية، عن الحالة التي وصلنا إليها اليوم. في رأيي أن غياب ثقافة الحقوق والواجبات هو السبب الأول في معظم المشكلات التي تعاني منها مجتمعاتنا، ابتداءً بمشكلات الحكم، ومرورًا بمشكلات حوادث السير، وانتهاءً بالمشكلات الزوجية والأسرية عمومًا. لو كانت ثقافة الحقوق والواجبات متجذرة في وعينا ولاوعينا كما يجب، لما وقعنا في كل هذه التناقضات، ولما أصبحنا أكثر شعوب الأرض التي تطالب بحقوقها ولا ترى واجباتها، وتستحل لنفسها ما تحرمه على غيرها. وأعتقد أن مقطع اليوتيوب الشهير الذي شاهدنا من خلاله الشيخ الدكتور محمد العريفي وهو يتهكم بطريقة في منتهى التعالي على حاج إفريقي أصيب بضربة شمس، واعتقد عندما أفاق في المستشفى أنه في الجنة؛ لأنه شم رائحة (الديتول) التي هي أنظف من أية رائحة شمّها -حسب تعبير واعظنا ذي الجماهيرية الطاغية- أعتقد أن هذا المقطع يوضح المدى الذي وصلنا إليه في الاستهتار بحقوق وكرامة الآخر، سواء كان هذا الآخر غير عربي، أو غير سعودي في حالتنا التي أشرنا إليها، أو كان رجلاً كما هو الحال في الكتابات التي تنافح عن حقوق المرأة، أو كان مجرد مخالف في الرأي كما نقرأ في سجالات كتّابنا التي تحفل بأقذع أنواع الشتائم، وأبشع أصناف التهم. على المرأة السعودية أن تستمر في المطالبة بحقوقها دون أن تنسى واجباتها.