تستمر الخسارة في ملاحقة عدد من المحامين الأميركيين الانتهازيين، وهم يحاولون اهتبال فرصة فجيعة أهالي ضحايا جريمة 11 أيلول (سبتمبر) 2001 بعد إقناعهم برفع دعاوى على عدد من الشخصيات السعودية، مطالبين بدفع تعويضات ضخمة. صرف المحامون على هذا التوجّه عشرات الملايين، على أمل استرجاعها من أرباح التعويضات، لكن للمرة الثانية، يحكم قاضٍ أميركي (جورج دانيلز) قاضي المحكمة الفيديرالية في مانهاتن في السابع عشر من الشهر الجاري بإسقاط الدعوى. ومع أن هذا الحكم لا يزال قابلاً للاستئناف، إلا أنه يعتبر انتصاراً للسعودية وسقوطاً لأطماع قوى ضغط متعددة استغلت أحداث 11 ايلول للنيل من بلاد الحرمين في صورة من صور الابتزاز الرأسمالي المقيت. تم استهداف (أمراء - علماء ودعاة - وحتى مؤسسات خيرية - بنوك) بحجة الارتباط في شكل أو في آخر بالعمل الإغاثي السعودي في الخارج، إذ لاحقت حكومة بوش المتطرفة كل ما هو مرتبط بالإسلام، وجرى التضييق على العمل الإغاثي الإسلامي والخيري، وخصت السعودية والسعوديين بمتابعة مركزة لأهداف اختلط فيها السياسي بالعقدي والمالي. هذا الخبر المهم والسعيد لم يحدث ردود فعل مستحقة أو اهتماماً في الإعلام العربي والإسلامي، وحتى المحلي، وبمقارنة ما أحدثه الإعلان عن رفع الدعاوى قبل سنوات والاهتمام الكبير بتفاصيل التفاصيل يثير عدم الاهتمام جملة من التساؤلات: هل نحن أسرى للإعلام الغربي إلى هذا الحد؟ لقد واجه العمل الإغاثي الإسلامي في الخارج حرباً معلنة وتشويهاً متعمداً جعله في موقف إدانة إعلامية وسياسية بعد أحداث ايلول. وجرى التركيز على السعودية ومواطنيها بسبب ما ذكرته المصادر الرسمية الأميركية - الوحيدة - في حكومة بوش الابن من أن 15 من أصل 19 ممن قاموا باعتداءات 11 ايلول هم من السعوديين، وهو أمر ما زال يثير أسئلة أكثر مما يقدم أجوبة. ولست هنا في معرض الدفاع عن العمل الإغاثي والخيري السعودي في الخارج لي رأي قديم في هذا الداخل «أولى وأولاً»، ما دامت الحاجة قائمة، وهي قائمة على قدم وساق. بعد هذه السنوات يمكن القول ان السعودية استطاعت امتصاص الهجمة الشعواء عليها والتعامل معها بصورة ممتازة، وإذا ما قورنت بحالات أخرى - مثل قضية «لوكربي» وتداعياتها وما أحدثته من حصار وتعويضات - يمكنك الاستنتاج... وانظر إلى فارق الحجم والأثر. هذه التجربة من ناحية - إجرائية - تشير إلى أن دعاوى أخرى طاولت أفراداً من مبتعثين أو رجال أعمال نتيجة للهجمة المتطرفة كان من الممكن التعامل معها في شكل أفضل لو أحسن اختيار المحامين. تبرز هنا أهمية استخلاص الدروس من هذه التجربة. وبحسب مصادر موثوقة، فإن غالبية من حرص على رفع دعاوى إسقاط من المستهدفين السعوديين حقق الهدف المطلوب، على رغم ضعف التنسيق - البعض دفع الملايين للمحامين، في حين دفع آخرون ما لا يزيد كثيراً على عشرة آلاف دولار!