المليونيرة فتون التي طرق باب ودها جمع العزاب والمعددين والمديونين، وأثارت عبر تصريحاتها الصحافية أقلام الكتاب وطالبي القرب يوم أعلنت في مجلة «رؤى» بحثها عن زوج مناسب؛ كشفت عن حالة من السخف في تناول معايير رباط مقدس لا يقبل المساومة وثقافة رفع المعاريض أمام النص الشرعي «ثلاث جدهن جد وهزلن جد: النكاح والطلاق والرجعة». «الطهبلة» الإعلامية حول بعث المليونيرات وطرقهن الجديد لأبواب الصحافة بحثا عن ابن الحلال انقضت وخفت وتيرتها الاحتفائية، لكن التقرير الذي عرضته أخيرا قناة العربية عن المليونيرة فتون أصابني بحالة من الازدراء وأنا أشاهد السيدة تقلب مئات الفاكسات التي تقدمت إليها طلبا بالزواج وكأنها «معاريض» تنظر إليها شزرا ولم ينقصها سوى تحويلها إلى معاملات مرقمة مصحوبة برد آلي لكل متقدم «عزيزي طالب القرب: تم استلام معاملتك ورقمها (...)، وبكيفي»!. حسنا يا سيدتي المليونيرة، أما وارتضيت الإعلان الصحافي والمرئي عن طلبك وتحول موضوعك إلى «ردح» إعلامي؛ ينتابني سؤال عن شعورك وأنت تشاهدين مئات الطلبات والتعليقات التي تطلب «كلمة ولو جبر خاطر»، يا ترى هل سرك ما رأيت؟، وهل حفزك إلى «تجذير» علاقتك مع وسائل الإعلام بصفتها «وسيلة» جذب طالك نتاجها في أيام معدودات؟، لن أخوض في النيات فعلمها عند ربي، ولكني أطرح سؤالا مشرعا عن الدافع الرئيس للتصدر الإعلامي، وفي المقابل عن دوافع المتقدمين، ولا سيما نحن نشاهد حالة الضرب من تحت الطاولة لجيل هذا اليوم، وأن جميعهم طامعون بثروتك على حد تعبيرك. لقد أثقلت مسامعنا وتجاربنا بعبارة «السعادة لا تشترى بالمال»، ومنا من صادفت العبارة موضع صحة معه، وبعضنا الآخر من يتمنى بضعا من ذلك المال ليقتات بعيدا عن خطوط الفقر ويأتيه شيء من شعاع السعادة، فكيف إن شاهد إعلانا محفزا أمامه كإعلان فتون الذي يمعن في إسقاط المجتمع ضمن خانة السذاجة و«السيكوباتية» المغرقة بالسطحية وفقدان الشعور بالخجل.. ألن نلتمس له العذر حينها إن سال لعابه؟. السيدة فتون ومن سبقها من ذوات النعم المغدقة اخترن طرق إعلانهن عبر وسائل الإعلام، إذ يعتقدن أن وضعهن المالي يجيز لهن ما لا يجيز لغيرهن، وهل تظنون أن وسيلة إعلامية ستلتفت إلى مطلقة أو أرملة أو عانس تقتات على راتب تدريسها.. فالأمر لا يعدو كونه ضربا من الإثارة، والطرق البديلة مشرعة ومعروفة وذات جدوى متحققة.. ليميز المجتمع العاقل من السقيم، ويسهل الله لبناتنا وشبابنا دروب حياتهم.