جاءت مداخلة أمين مدينة الرياض الأمير عبدالعزيز آل مقرن في برنامج الشيخ سلمان العودة «الحياة كلمة» على غير ما قرأنا في تصريحه الذي نشر في الصحف، فبينما كان التصريح الذي ظهر عملياً، ويتبنى روح المسؤولية، ويتلمس التقصير في أداء المؤسسات، ويوجّه بوصلة التقصير نحو وزارة المالية، جاءت مداخلته في البرنامج سريعة ومقتضبة، بل تلوم الشيخ على ما قال. الشيخ سلمان العودة في برنامجه الأسبوعي الذي تعود أن يكون برنامجاً نقدياً، تلمس أوجه الخلل في أزمة غرق الرياض مثلما تفعل الصحافة المسؤولة. وربط بين الخلل في البنية التحتية، والفساد الذي يشمل الفساد الإداري وتبديد المال العام والمحسوبيات، وغيرها من أشكال الفساد العامة التي نعرفها جميعاً، والتي هي محل نقاش وتداول محلي وإعلامي منذ فتح الملك عبدالله باب محاربة الفساد، بإنشائه لجنة لتقصي الفساد، وامتداداً لباب النقد الساخن بعد أحداث جدة المريعة التي راح ضحيتها ما يزيد على مئة نفس وممتلكات بالملايين، هذا غير الخسائر الجسيمة في موت الضمير وسطوة الجشع وانعدام الروح الوطنية. اتصل أمين الرياض بالبرنامج في مداخلة قصيرة ملخصها أنه «مستنكر ومستكثر» على حد قوله، أن يقوم الشيخ العودة بالحديث عن أزمة الغرق التي عاشتها الرياض، ويتهمه بأنه يتحدث بلا معلومات، وأنه لو أراد المعلومات، لكان طلبها من الأمين وكان وفّرها له، متناسياً أن ما حدث هو حقيقة نصفها لمسه الناس وعاشوه، والنصف الآخر للحقيقة لدى المسؤولين، وينتظر المواطنون أن يعرفوه، لتصبح الحقيقة كاملة، والحياة كلمة، لا أن يتم تجهيل الشيخ العودة، لأنه اهتم بحدث يهم الملايين، أو لأن المعلومات يجب أن يكون مصدرها أمانة مدينة الرياض، ويطلب منه تجاهل قضية غرق فيها الناس، بل عرفوا أطراف أسبابها وقصصها التي تسربت عن شركات الباطن التي أفقرت البنية التحتية، لأن الشركاء فاقوا موازنة العمل والإنجاز الحميد. استنكار واستكثار أمين الرياض، على حد وصفه، جاء لأن برنامج الشيخ العودة يشاهده عشرات الآلاف، إن لم يكن مئات الآلاف، ولكن الأمين فاته أن كلمته ومداخلته في وقت مثل وقت غرق الرياض سيسمعها وسيهتم بسماعها ملايين الناس، وسيفاجأون بأنه لطم وجه النقد الإعلامي، وضاق صدره بأن ينقل الشيخ بعض ما وقف عليه آلاف الشهود من الناس، وآلاف الصور التي سجلوها، ونشرتها الصحف والكاميرات والقنوات العربية. وفاته أيضاً أن الناس ما إن سمعوا باسم أمين الرياض، حتى ظنوا أنهم سيسمعون شيئاً شبيهاً بتصريحه في الصحف بل ربما أبلغ، وأن يسمعوا أرقاماً ومعلومات مهمة تصف ما حدث، والذي كان كارثة بحق مدينة بحجم وغنى مدينة الرياض، وأن المسؤولية تسبب فيها قصر نظر تخطيطهم، وتأخروا بدل أن يتقدموا، وجعلوا مدينة كبيرة ومفصلية كالرياض تتخلى عن مشروع تصريف السيول منذ 30 سنة، وتركوا أحياء الرياض وعقاراتها نهباً لتجار العقار الذين يضاربون بالأسعار، فتشهد ارتفاعاً مجنوناً لأراضٍ بلا خدمات، لكن، يبدو أن ما كل ما تتمنى الأذن تسمعه، تجري السيول بما لا تشتهي المدن.