ظلت أمطار وسيول وأنفاق الإثنين الماضي، حديث الساعة، وأكتب هذه المقالة يوم الخميس، ولا أعلم ما سيحدث الليلة وغداً في الطقس قبل نشرها السبت، ومع هذه الأمطار «سالت» أودية الرسائل الإلكترونية، والهاتفية، وشعاب الطرائف الساخرة، وبعضها لامس الواقع، وبعضها اصطاد في الماء العكر، ربما لكثرته هذه الأيام. إحدى الرسائل طالت المرور الذي أطلق نظام ساهر، وجاء فيها أن المرور تفاعل مع الأحداث وأطلق نظام «غاطس» لرصد المخالفات المرورية تحت الماء، وتحت الماء كلمة طالما حملت دلالات عاطفية ورومانسية بسبب أغنية عبدالحليم المعروفة، وأوردها على سبيل المثال فقط، ولأنها تضرب عصافير عدة بحبة برد واحدة. الرسائل من تحت الماء وصلت، وقرأت رسالة مهمة من فوق اليابسة أطلقها أمين مدينة الرياض الأربعاء الماضي حول 100 مليون ريال تم صرفها للأمانة لمشاريع تصريف السيول، فيما الموازنة المرصودة 3 بلايين ريال، وهي لم تعتمد بحسب تصريحه لإحدى الصحف. إذاً حصلت الأمانة على 3.3 في المئة فقط مما طلبت، وعليه يجب أن نلومها فقط بهذه النسبة ونوجه 96.7 في المئة من اللوم إلى من رفض اعتماد هذه الموازنة، أو عطله، أو لم يكن حريصاً على إيضاحه لولي الأمر الذي نعرف يقيناً أنه لن يبخل بأي مبلغ يصرف على التنمية، ويكون عائده حفظ أرواح وممتلكات الناس، ومعها ممتلكات وإنشاءات الحكومة. وعوداً على الرسائل، كنت أتمنى أن يكون تفاعل شركات الاتصالات يوم مطرنا أفضل من ذلك، ففي وسط «العبكة» وأنا محتار أي طريق سأسلك جاءتني رسالة دعائية سخيفة لإحدى الخدمات، وكنت أتمناها رسالة تقول «نفق العليا مغلق» أو «تفادى الاتجاه إلى مخرج 9» أو أي معلومة يمكن استقاؤها من غرف العمليات، وبثها للناس لمساعدتهم في الطريق، وتخفيف تدفقهم على أنفاق وطرق ليست سالكة. الإذاعات أيضاً أخفقت، وباستثناء إذاعة الرياض التي أعطت الموضوع بعض المتابعة، لم ألحظ جهوداً تذكر للبقية، وحتى إذاعة الرياض لم تأخذ المنحى التوجيهي وتوفد مندوبها إلى غرف العمليات والطوارئ، وتوجه إرشادات محددة، بل كانت إرشادات عامة للدفاع المدني، وفتح المجال لبعض مندوبي الجهات بالحديث عن «مرابطتهم» واستعدادهم. وقرأت تقارير عن نجاح «البلاك بيري» و«التويتر» في مساعدة الناس وتوجيههم، لكنهما تقنيتان لا تتوافران للجميع تلك اللحظات، وأفضل وسيلتين يمكن أن تساعدا الناس هما الإذاعة، والهاتف النقال. وعوداً على الغطس، وبعيداً عن الطرفة أعلاه، فالناس يريدون من الأمانة أن «تغطس وتئب» بالمشاريع - على طريقة الإخوة المصريين - والأمانة تريد أن «تغطس وتئب» حاملة معها المال الكافي، والله أعلم وألطف.