توصلت لاتفاق مع أمريكا.. رئيسة المكسيك: تجميد رسوم ترمب لمدة شهر    السعودية توسّع الشراكات الصناعية واستقطاب الاستثمارات مع الهند    الرئيس السوري: الكفاءة هي المعيار في المناصب.. وأولوياتنا ضبط السلاح    المملكة تعالج قلوب أطفال جاكرتا بإندونيسيا    ولي العهد يهنئ بارت دي ويفر بمناسبة أدائه اليمين الدستورية رئيساً للوزراء في بلجيكا    أهلي آسيا غير    ليوناردو يحقق جائزة شهر يناير    السديري يستقبل رئيس واعضاء مجلس إدارة جمعية كافلين للأيتام بتيماء    مهرجان خادم الحرمين الشريفين للهجن "غداً" تنطلق الأشواط الختامية    60 فائزا في تحدي الإلقاء للأطفال    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان"دور المرأة مهم في تقوية النسيج الوطني"    الرياض.. «سارية» الإعلام العربي تجمع «العمالقة» في «المنتدى السعودي للإعلام»    الاختبارات المركزية في منطقة مكة مع نهاية الفصل الثاني    حصر المباني الآيلة للسقوط في الفيصلية والربوة.. ودعوة ملاكها للمراجعة    رئيس إسرائيل وقادة المعارضة يطالبون نتنياهو بتنفيذ هدنة غزة    مقتل قيادي في «الدعم السريع» والجيش يسيطر على «المحيريبا»    تنامي ملحوظ في العلاقات الاقتصادية بين السعودية وألمانيا    الذكاء الاصطناعي... ثورة تُولد عوائد استثمارية كبيرة    الأردني التعمري يوقع عقدا مع رين الفرنسي حتى 2028    ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ يطَّلع على مؤشرات أداء فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي بالمنطقة    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 56 لمساعدة سكان غزة    المستشار الألماني: الدفاع الأوروبي يحتاج إلى "مزيد من التصميم"    سوق الأسهم السعودية يتراجع لليوم الثاني ويخسر 32 نقطة    اكتمال مغادرة الدفعة الثالثة لضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة إلى بلدانهم    أمير القصيم يتسلم تقرير أعمال شركة الاتصالات السعودية لعام 2024    أمير القصيم يكرّم المشاركين في ملتقى اليوم السعودي العالمي للتطوع    روسيا تدرس السعودية والإمارات كموقع محتمل لقمة بين بوتين وترمب    محافظ الخرج يستقبل رئيس جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز    عبدالعزيز بن سعد: رالي حائل الدولي ..حقق مكاسب تنموية ورياضية واقتصادية تتماشى مع رؤيه الوطن 2030    أمانة القصيم تنفذ أكثر من 658 ألف جولة رقابية خلال عام 2024    نائب أمير الشرقية يستقبل قائد القوة الخاصة للأمن البيئي بالمنطقة    استئصال ورم سرطاني ضخم يزن 8 كغ من بطن مريضة بالقصيم    7 مليون فحص مخبري في مستشفى الرس خلال 2024    تفعّيل برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    أمير الجوف يستقبل قائديّ حرس الحدود بالمنطقة السابق والمُعيَّن حديثًا    سلمان بن سلطان يدشن قاعة المؤتمرات الكبرى بغرفة المدينة    جولة مدير مستشفى عفيف العام التفقديه    تقييم صادم للنجم المصري عمر مرموش ومدرب «مان سيتي» يبرر !    "كشتة البديع" تجتذب المزيد من العائلات والأفراد ب 19 فعالية متنوعة    الدولار الكندي لأدنى مستوياته في 22 عاماً    الموارد البشرية: تعديل المدة المسموحة لرفع ملفات حماية الأجور في منصة "مدد" إلى 30 يومًا ابتداءً من 1 مارس 2025    5 مخاطر صحية تهدد العاملين بنظام المناوبات    عبدالله آل عصمان مُديراً لتعليم سراة عبيدة    العلاقات بين الذل والكرامة    محافظ جدة يطلع على خطط المرور والدفاع المدني    إن اردت السلام فتجنب هؤلاء    كلنا نعيش بستر الله    التعاقدات.. تعرف إيه عن المنطق؟    من أسرار الجريش    رصاص الاحتلال يقتل المسنين وعشرات يقتحمون الأقصى    «عاصفة الفئران» تجتاح 11 مدينة حول العالم    شرطة الرياض تقبض على مقيم لمخالفته نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    3 أهداف تتنافس على الأجمل في الجولة ال18 من مسابقة دوري روشن للمحترفين    على هوامش القول.. ومهرجان الدرعية للرواية    هيئة الترفيه.. فن صناعة الجمال    القيادة تُعزي رئيس ألمانيا في وفاة الرئيس السابق هورست كولر    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة الشيخ دعيج إبراهيم الصباح    الأسرة في القرآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة ضرب جريدة الوطن بالرصاص
نشر في أنباؤكم يوم 18 - 04 - 2010


خالص جلبي - الوطن السعودية
تعرض مركز جريدة الوطن السعودية لإطلاق النار، وهو مؤشر جيد أن الفكر الذي يشع من هذا المنبر، وصل إلى الحافة الخطرة، في الحراك الاجتماعي؟ فوجب خنقه ومصادرته بيد قوى الظلام؟
هذه الرصاصة هي تعبير مشبع عن مقابلة مثيرة بين آدم والشيطان، الطين والنيران، استعلاء الروح فوق موت البدن، وهي الشهادة.. فلا يموت صاحبها قط.
وفي القرآن إشارة إلى هذه الحافة الحرجة في التغيير الاجتماعي؛ فالنبي يحدث الزلزال الاجتماعي، والفيلسوف يحرك المياه الراكدة، ولكن الفكر لوحده لا يعمل شيئا بدون الناشطين الاجتماعيين.
وهذه الآلة من تراكب الدماغ على الجسم والعضلات، تجعل منه كائنا فاعلا، وأذكر من قصص السندباد؛ أنه اجتمع يوما برأس منفرد وجسم بدون رأس يطلب النجدة، طلب من سندباد أن يركب الرأس على الجسم، ولأن السندباد أراد رحمة الرجل، لم يتفطن أن هذا الاجتماع سيقلب العلاقات، وينتفض من الموت عملاق مدمر.
كذلك الحال في حركات التغيير الاجتماعي، يتعاون فيه جانبان ويتضافر جهد شخصين، المنظر أو الفيلسوف أو المحلل ومولِّد الأفكار، بجنب الأشخاص الفعَّالين الناشطين اجتماعيا، ينقلون الأفكار وينشرونها، بكثير من الحماس، وقليل من النقد.
وأذكر أنا شخصيا من أيام الثورة الإيرانية عام 1979 حين نشرت مجلة الإخوان المسلمين في مصر كلاما يشير إلى احتمال صناعة الثورة بيد أمريكية.
وهذه الفكرة ليست مهمة، وقد تقترب من الحقيقة وتبتعد، ولكن عقل الحزبي الذي كنت أناقشه مبني على ثلاث؛ الدعوة للفكرة بدون نقد ومراجعة. والتبرير لها ولو كانت أقبح من الميدوسا الغرغونية. وتدمير الخصم، كما حاول مطلق النار على مبنى جريدة الوطن؟
ولو حاول الطرف الآخر الحوار وكف اليد عن القتل والقتال على مذهب ابن آدم الأول، أنه لن يمد يده بالسوء ولو مد الطرف الآخر اليد بالأذية.
وحزب التحرير بقيادة شيخه (تقي الدين النبهاني) بنى عقيدة عجيبة من الصراع السياسي، تقوم على اختراع إلهين في اللعبة السياسية، مذكرا بالعقيدة الزرادشتية من إلهي الظلام والنور، باقية إلى قيام الساعة، بين أمريكا وبريطانيا، فلو هبت عاصفة في أوريجون؛ فهي نتيجة الخلاف بين بريطانيا وأمريكا، ولو توج عرش الزولو في جنوب إفريقيا؛ فهو فبركة أمريكية أو بريطانية، وبالطبع فإن هذا التفسير الحدي الثنائي للأشياء مضر ومهلك، ولكنه حزب التحرير ولا جديد.
كذلك الحال بالنسبة للنشرة الإخوانية فقد حاولت جدال الأخ عن الفقرة الإيرانية، فشعرت أنني أنطح الجدار!
وهنا تبلورت أمامي فكرة الحزبي أنه أعمى حتى حين، وقد يبقى أعمى كل الحياة، وهو يظن أن الكون مظلم مثل سطح بلوتو والمريخ؟
وقصص قتل المخالفين موجودة في القرآن على نحو مكرر؛ وهناك سورة كاملة بعنوان سورة المؤمن (غافر) يعلن فيها رجل (لم يذكر القرآن اسمه قط) إيمانه على رؤوس الأشهاد، بعد أن كان يكتم إيمانه؛ فقال أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله؟
ويذكر القرآن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تعرض لثلاث محاولات؛ السجن والقتل والنفي، وإذا يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
وبشكل عام يتعرض كل رسول لمحاولة اختطافه وتصفيته؛ وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه؟
والسبب لماذا؟
والجواب أن دعوة الرسل كانت تتناول جذور المجتمع فتعصف بها وتبني علاقات جديدة.
ولو كانت دعوات الرسل ثيولوجية ما لقوا العنت والعناء، ولكن محتواها السياسي يحمل بذور القلق والتمرد في المجتمع.
ويبقى المجتمع ردحا من الزمن في ركودة وإفلاس، حتى يتعرض للصدمة فيبدأ في تشكيل الحراك الاجتماعي.
وحين نستعرض التاريخ تطالعنا أمثلة مكررة تشكل قانونا لا يتبدل ولا يتحول؟
قابيل يقتل هابيل، مع أن هابيل أعلن تخليه عن القوة من طرف واحد، في أسلوب جديد لحل النزاعات بالحوار وليس القوة، وهو ما وصل إليه العالم، مع توقيع ميددييف وأوباما اتفاقية الحد من الأسلحة النووية، وأعلنه إيزنهاور بعد ضرب اليابان بالسلاح النووي أن ليس ثمة أمام البشرية إلا اثنان الحوار أو الفناء.
سبينوزا يطعن بسكينة، والرجل لم يفعل شيئا سوى التفلسف، وكتابة أربعة كتب، في هداية الحيران، وري الظمآن من حقائق الزمان.
غاندي يقتل برصاصة تافهة من متعصب هندوسي. ولم يقل إلا سلاما سلاما ...
فتية الكهف يفرون من نار التعذيب والترهيب كي ينجوا من الارتداد عن دينهم، وكل ذنبهم هو الاعتراض والمخالفة، على خرافات المجتمع وإتباع الآخرين، بدون هدى ونور أو كتاب منير، فحرروا مبدأ النقد والاختلاف.
مارتن لوثر كينج الأسود في أمريكا صاحب شعار (إنني أحلم) يقتل من قناصة في وضح النهار، قربانا لفكرة السلام الاجتماعي، وكل ذنبه مساواة بني الإنسان، ولو اختلف لون الجلد بفارق غرام واحد من مادة الميلانين، وهي نكتة لولا أن البشر يحبون المزاح السخيف.
إبراهيم سيد الأنبياء وسيد المهاجرين دخل النار وخرج منها بردا وسلاما، ونظر نظرة في النجوم؛ فقال إني سقيم، وقال إني مهاجر إلى ربي سيهدين.
مالكولم إكس الأسود تقتله نفس جماعة أليجا محمد لأنه شذ وانشق فحاق به الفلق، فقتلوه بالرشاشات في قاعة وعظه ودرسه أمام عائلته.
سعيد بن جبير التقي يذبحه الحجاج مثل شاة مسلوخة مسلوقة، ويقول له بل أنت شقي بن كسير ويكسر عظامه.
عمر بن عبدالعزيز يحبس في غرفة من طين تحبس منافسه فيها يقترب منه الموت مسافة شبر فيكاد يهلك، لأنه لم يطاوع الوليد بن عبدالملك في قتل خارجي من أجل كلمة.
نصر حامد أبو زيد يُطَلَّق من زوجته، والمسكين لم ينطق كفرا، ولم يعبر هجرا، بل كتب في التأويل والتفسير دهرا، فهرب من دار الكنانة بدون كن وكنانة.
القاسمي المفسر الدمشقي يطلق عليه النار، مع أن كتابه في التفسير أكثر من رائع، وهو صنو ابن جرير الطبري الذي قال عن كتابه في التفسير الاسفراييني وهو عالم مثله، لو أن رجلا سافر للهند من أجل الكتاب كان قليلا، وحين مات دفن سرا خوفا من الرعاع والرغام الذين اتهموه بالهرطقة والزندقة، كما هي دعوات صاحب الكتاب الأخضر لمن اختلف معه!
المصلح الديني التشيكي هوس يحرق، جيوردانو برونو يلتهب بالحطب مع مطلع القرن 17 في روما يوم 17 فبراير من عام 1600.
فيزاليوس يطارد من الكرادلة والبابا فيهرب إلى الشرق ويموت على ساحل اليونان.
غاليلو يركع مقرا معترفا منسحبا من آرائه وأنه أخرق أخلق مأفون.
والآن جريدة الوطن تمشي في نفس المنعرج؛ فيطلق عليها النار، يطلق عليها، وليس على رئيس التحرير، في لغة واضحة أن هذه المؤسسة يجب أن تقتل؟
ولكن كيف تقتل الأفكار وهل إلى ذلك من سبيل؟
في سورة إبراهيم استعراض تاريخي لطرفي الصراع أن ملل الأقوام هددت ملة الأنبياء فصبرت فجاء الفتح المبين وجعلت الأرض للمساكين والودعاء..
قال المسيح بن مريم طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض. طوبى للحزانى لأنهم يتعزون. طوبى للعطاش إلى البر لأنهن يرتوون. طوبى لأنقياء القلب لأنهم الله يعاينون. طوبى لصانعي السلام لأنهم عباد الله يدعون..
بناء جريدة الوطن ليست طوبا بل قلوبا .. وبناء الحجارة غير بناء الأفكار..
أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله؟؟
لايستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.