عبد الرحمن الراشد - الشرق الاوسط اللندنية افتتح المشهد العراقي في السعودية في الأسبوع الماضي كبار قادة التيار الصدري، ومنذ ذلك اليوم والمراسم السياسية، أي إدارة البروتوكول السعودي، تحاول استقبال الزوار السياسيين القادمين من بغداد بأقل قدر ممكن من التصادم بينهم، حيث تنتظر العاصمة الرياض زيارات عقب إعلان عمار الحكيم قائد المجلس الأعلى الإسلامي الذي صرح الأسبوع الماضي بأن زيارة دول الجوار جزء من نشاطات العمل السياسي هدفه شرح سياسة كل فريق، وطمأنة الجميع أنهم يريدون علاقة حسنة مع الجيران. ومن المتوقع أن يفد إلى الرياض كذلك الرئيس العراقي المنتهية رئاسته جلال طالباني، وبعد أن يغادر سيليه مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، وصاحب الرقم الصعب هناك. كما طلب نائب الرئيس طارق الهاشمي أيضا أن يفد إلى الرياض لشرح وجهة نظره. أيضا المنتصر في الانتخابات الدكتور إياد علاوي. ولا أدري إن كان رئيس الوزراء المنتهية دورته نوري المالكي سيشاركهم أم لا. سيسأل البعض؛ لماذا عندما توافد بعض الزعامات العراقية على طهران كان هناك غمز ولمز وتشكيك في توجهات الزائرين، في حين صارت زيارتهم للسعودية عملا إيجابيا؟ السبب أن حصر المراجعات في طهران المتهمة بنشاطاتها التوسعية العسكرية والسياسية في جبال اليمن وسهول لبنان وقطاع غزة ومن خلال فيلق القدس في العراق، يكفي للتشكيك في نواياها. بالنسبة للرياض، فإنها هي التي امتنعت طوال سبع سنوات عن التورط في الشأن العراقي على أمل أن يحسم العراقيون قضاياهم بأنفسهم. هذه السياسة؛ سياسة تجنب الغرق في الرمال العراقية المتحركة، منحت الجانب السعودي سمعة نظيفة من جانب؛ لكنها سببت غيظا شديدا في كثير من العواصم العربية التي لامت الرياض على ابتعادها الذي ترك الساحة العراقية فارغة للتخبط الأميركي والتدخل الإيراني. وأتذكر أن أحد السياسيين العرب قال: ألا يعرفون في السعودية حجم الخطأ الذي يرتكبونه بسياسة المقاطعة؟ هل يعتبرون العراق بلدا بعيدا لا يهمهم ولا يؤثر عليهم مثل موريتانيا وهو الذي يجاورهم كتفا بكتف؟ بالنسبة له يعتبر السعودية حارسة المصالح العربية في العراق، وهي السند العربي المفترض لكل العراقيين، وأنها لا تستطيع التخلي عن هذه المسؤولية مهما كانت مخاوفها. إن الذي يدعو للرضا أن المتوافدين على السعودية هم كل الفرقاء بلا تمييز طائفي أو عرقي، وهم جميعا يحتاجون إلى بوابة غير إيران، من أجل التأكيد أن العراق أكبر من أن يكون ملفا في يد إيران أو غيرها، وأن المصلحة العراقية تقتضي التوازن والاستقلالية والشفافية مع الجميع، وفي المقابل، من حق العراقيين أن يرفضوا تدخل كائنا من كان، فالعراق أكبر من أن يصنف دولة تابعة، وأصعب على أي قوة خارجية مهما كانت تظن أنها تتحكم بمصير شعبه. هذه الحقائق إذا كانت واضحة للسياسي العراقي والجيران جميعا، أخذ العراق مكانته الطبيعية.