تعرض حسابي الشخصي على الشبكة الاجتماعية «فيس بوك» خلال الأيام الماضية إلى سلسلة من الهجمات «اللفظية» بقيادة مجموعة من «المفسبكين»، كانت تعترض على وضع صورة تجمعني بالشيخ حسن الصفار التقطت أثناء المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار في مكةالمكرمة عام 2008. الهجوم اللفظي على الصورة ومن فيها، أكد لي حالة الإرباك في الفهم وضيق مساحة الاستيعاب التي تصيب بعضنا وتنحاز في فترات إلى «الكمون»، وفي فترات أخرى تأخذ حيزا واسعا من الحضور والترديد «الشفهي الاجتماعي» كما الببغاوات تقتنص الكلمات ثم تردد العبارات دون عملية فرز، وهنا إشكال الفهم الذي يحفر في أقراص التخزين وفقا للرأي الواحد والفكرة الواحدة التي نقول عنها بكل لطف «أحادية». على الصعيد الشخصي أقول: تشرفت بكوني أول إعلامي يكسر «تابو» الإقصاء المبني على الحذر، ويستضيف في القنوات الرسمية السعودية علماء الشيعة في مقدمتهم الشيخ الوقور حسن الصفار ومحمد علي تسخيري، فضلا عن حوار أطيافهم المتعددة، بدءا من السيد حسن نصر الله والسيد محمد حسين فضل الله، والغاية الوحيدة لم تكن استعراض عضلات الاختلاف بمقدار التحرك في خانة المشترك الديني ثم الإنساني بين مذهبين جنت حالات التطرف في تناولهما على الأتباع. التطرف السني والتطرف الشيعي وجهان لعملة واحدة، وليس بالضرورة أن يتحمل كل مرجع أو شيخ مسؤولية ذلك التطرف والقضاء عليه، والحوار العكاظي مع الشيخ الصفار كان واضحا في هذا السياق، ورغما عن ذلك سيخرج لنا من خانة الإقصاء من يردد أسطوانة الشنشنة والتخوين بتكذيب ما ورد بحجة ممارسة «التقية»، ويستمر ناخرا في عضد الوطن المؤسس وفقا للإطار المدني ل «الجميع». لغة التعايش ليست وهما، وليست مشروعا يلفظ أنفاسه الأخيرة كما يروج البعض وإنما هو «واقع» تفرضه الأطر المدنية بمختلف أشكالها، فضلا عن الإطار الشرعي الراسم للصور الحضارية في مسائل التعايش على مر العصور، وإن تلطخت بكيد المتطرفين، ومفردات «الطرد» لم تعد تستهوي العقلاء أمام المد الطائفي بشكله الجديد على الفضائيات، ومواقع الإنترنت، نعم.. قد تستميل عقولا تستمد حضورها من وجود «الخصم»، ولكنها تصاب بحالة الإرباك مجددا عندما ينسف الخصم بعقله وطرحه أرض السراب الواقفين عليها. أخيرا.. الشيخ حسن الصفار مواطن سعودي ثم عالم شيعي، أكسبته التجارب معدنا صافيا همه لغة العيش المشترك، ولأجل ذلك تتنابزه سهام التخوين من هذا الطرف وذاك.. ويبقى النضج هو المحك عندما يسوس التعايش دفة المجتمعات نحو النباهة لا الاستحمار.