تركي الدخيل - الوطن السعودية "هاتي معك من يعرّفك"! بهذه العبارة يبادر القاضي مخاطباً المرأة في حال ترافعت عن نفسها. والمعرّف هو: عبارة عن رجل يأتي إلى القاضي ليعرّف بالمرأة التي أمامه، فيقول: هذه المرأة هي فلانة بنت فلان، كما يسأله القاضي عن تفاصيل أخرى تتعلق بالمرأة التي أمامه. إحدى المحاميات تقول إنها على الرغم من استخدامها للبطاقة الشخصية أمام القاضي واستعدادها لكشف وجهها ليتأكد القاضي من كونها هي التي في البطاقة اسماً وشكلاً، إلا أن القاضي –حفظه الله- رمى عليها البطاقة الصادرة من الأحوال التابعة لوزارة الداخلية لأنه لا يعترف ببطاقة المرأة الشخصية. بمعنى آخر؛ أن دائرة حكومية تحرّم ما تبيحه الدائرة الأخرى. أليست هذه ازدواجية؟! قصتنا ليست في الازدواجية فقط، وإنما في "المعرّف" الذي يطلب من المرأة إحضاره، وأحياناً يكون أكثر من معرّف، ليبدأ القاضي بتصديق المرأة. تخيلوا، تحضر المرأة عدداً من "الشهود" ومن ثم يطلب منها أن تأتي بأكثر من "معرّف" وربما طلب منها إحضار "معرّف" ب"المعرّفين"، يعني تصل المرأة إلى حالة من التعجيز، بحيث لا تستطيع أن تترافع عن نفسها إلا بعد إحضار "توبيس" مليء بالرجال، ما بين شاهدٍ ومعرّف، مع أن البطاقة الشخصية تحل محل "التوبيس" فتصبح ثقةً معروفةً لدى القاضي. ألقى القاضي بالمحكمة العامة بجدة عبد الإله العروان محاضرة رأى فيها أن: "ترافع المرأة أمام القضاء أمر واقع، ويعود إلى ثقافة المجتمع، والمرأة الوكيلة الشرعية موجودة منذ زمن". وقال: "إن هناك العديد من النساء وُكّلن للترافع في قضايا تخص الرجال". وقال العروان: "إن للقاضي الحق في طلب كشف وجه المرأة إذا شك أن التي تمثل أمامه ليست المعنيّة بالقضية، وهذا لا يعد سفورا لكنه تعريف فحسب". قال أبو عبدالله غفر الله له: إذا كان للقاضي الحق في الكشف عن وجه المرأة لمقارنته ببطاقتها، فما الحاجة إلى مبدأ "التعريف" أو إلى "المعرّفين"؟ لماذا يعمل القضاء بمثل هذا المبدأ الذي يعطّل حقوق المرأة ويؤخر حصولها على ما تترافع من أجله، أو يؤخر البت في القضايا التي تدخل طرفاً فيها؟ هل يمكن للمسؤولين الإجابة عن سبب عدم قبول بعض القضاة ببطاقة المرأة الصادرة من وزارة الداخلية؟! فعلاً: نحن الوحيدون في العالم الذين يشترطون على المرأة إذا أرادت أن تترافع عن نفسها أن تأتي بتوبيس رجال ما بين شاهد ومعرف ومحرم ومرافق وسائق!