فجأة ومن دون مقدمات أصبح خالد مشعل قوة نووية عظمى! التهديدات التي أطلقها من دمشق زعيم "حماس" في تشييع أحد قادة الحركة الذي اغتالته اسرائيل في دبي, هذه التهديدات ارعبت العالم, ما اضطر البيت الابيض لاتخاذ سلسلة إجراءات وقائية لحماية الولاياتالمتحدة من الاعصار"الحمساوي", بينما لجأ حلف ال "ناتو" الى اعلان حال الطوارئ بين جيوشه, واتجه قادة الكيان الاسرائيلي الى الملاجئ, ووزعت الاقنعة الواقية من الغازات, لكأن هذا الطاووس بات يعتقد ان كل ريشة فيه صاروخ عابر للقارات, وان العالم اجمع دخل مرحلة ترقب الانفجار التدميري الشامل لتهديدات القابع في إحدى ضواحي دمشق"يفبرك" الويلات للشعب الفلسطيني متمتعا ب ̄"المال الايراني النظيف" المغسول بأحدث المساحيق. مما لا شك فيه أننا ندين الممارسات الاسرائيلية, وتعدي اسرائيل على أمن الدول السيدة الحرة المستقلة, وندين ايضا كل اشكال الاغتيال السياسي, ولكن العقل والمنطق يفرض علينا التوقف عند الحقائق, فمنذ العام 1948 ونحن نسمع تهديدات تلو التهديدات من قادة الجماعات الفلسطينية, وعندما اغتالت اسرائيل الشيخ احمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي اطلقت "حماس" تهديدات كادت توحي لمن لا يعرف بواطن الامور ان حربا عالمية جديدة ستقع جراء ذلك الوعيد العالي الصوت, ومضت الأيام وكأن شيئا لم يكن, وليتأكد الناس أكثر ان قادة "حماس" ليسوا أكثر من أبواق زاعقة. مع كل تهديد يطلقه اصحاب الرؤوس الحامية يتكبد شعب فلسطين المظلوم كارثة جديدة تكون من صنع فلسطيني خالص, ودائما نسمع كلاما أكبر بكثير من كل امكانات الجماعات المتوهمة نفسها انها فعلا مقاومة, بينما هي مأجورة واقرب الى المرتزقة, فلا تأتمر الا بأوامر ارباب عملها, ولم تعمل يوما لفلسطين, لذلك صدق الرئيس حسني مبارك حين قال في خطابه الاخير: "لا هُم قاوموا ولا صنعوا سلاما". تهديدات خالد مشعل الاخيرة ليست اكثر من حلم ساذج في ليلة صيف, ولن نقول »سحابة صيف« لأن سحابات صيفهم دائما تكون ممهورة بدماء العرب, ويبدو انه كتب على الفلسطيني ان يبتلى بشذاذ الآفاق الذين يبيعونه الاوهام بينما هو يتعرض لأبشع عمليات القهر والتنكيل من اسرائيل, وبدلا من ان يعمل هؤلاء لتخليص شعبهم من عذاباته ها هم يتاجرون به في كل الارجاء ويتآمرون على دمه, ويثيرون الفرقة في صفوفه. ألا يدعو ذلك الى ان نسأل"حماس" نفسها من قتل محمود المبحوح؟ أليست لاتباع تلك الحركة يد في الجريمة? أوليس اخفاء الحقيقة عن حكومة دولة الامارات العربية المتحدة يعتبر خرقا لقوانينها وتعديا على أمنها؟ وحين يقول مشعل إن المواجهة مع اسرائيل لم تعد في فلسطين وحدها, فهل يبشر بموجة جديدة من الارهاب في كل العالم؟ هل يعتبر هذا البوق ان صبر العالم على جماعته سيكون كصبر مصر عليهم؟ فمصر صبرت وتصبر لأنها حريصة على القضية الفلسطينية أكثر من بعض الفلسطينيين الذين امتهنوا التجارة بقضيتهم ولم يعد همهم تحقيق السيادة والحقوق الوطنية. ربما يتوهم خالد مشعل ان سيادة الدول وامنها لعبة في بازار تجار الدم, لكن كان عليه قبل ان يطلق تهديداته ان يبحث بين اعوانه عن العملاء الذين كشفوا شخصية محمود المبحوح فيما كان يتخفى باسم مستعار وقلة قليلة جدا من الحركة كانت تعرف ذلك الاسم, ولم يتم اعلام حكومة الإمارات بشخصية الرجل الحقيقية, أفلا يعني ذلك ان سوس"حماس" منها وفيها؟ فعلا إن العالم يعيش واحدة من احرج اللحظات بعد تهديدات خالد مشعل, الذي يدعي أنه يرى النملة السوداء على الصخرة السوداء من بعد آلاف الاميال, وتأخذه نشوة الخطابة حتى في الجنازات الى حدود التخيل ان كل ريشة فيه صاروخ عابر للقارات. هزلت؟ نعم. ويمكنكم أن تقولوا أكثر من ذلك! أحمد الجارالله