بعدما فشل مشروع "حلم مصر" في الخرطوم، وفوتت الفرصة لتوظيفه في توريط الرأي العام كله في "بيعة جماعية" للخليفة المتوقع.. اليوم يجري استثمار "الهزيمة" وأحداث الشغب والعنف الاعتداءات على بعض المشجعين المصريين، لتحويل الفشل في صناعة "بطل المونديال" وإعادة فكه وتركيبه ليكون "بطل الكرامة".. وحشد الجماهير خلفه لإسترداد "الكرامة المصرية"! والكرامة لا تتجزأ.. فكرامة المصري في بلده "مصر" جزء من كرامته في الخارج، وكما يقولون فاقد الشيء لا يعطيه"!.. لقد باتت "نكتة" هذه الانتفاضة "الرسمية" و"الإعلامية" من أجل كرامة المصريين الذين اعتدي عليهم في الخرطوم!.. وكأن اهدار كرامة المصري في مصر والتعامل معه وكأنه خارج التصنيف البيولوجي الدارج والمعروف: فلا هو إنسان ولا نبات ولا جماد.. وإنما محض "علف" لتسمين كبار الباشاوات على حد تعبير "الجبرتي".. شيئ "عادي" و"طبيعي" وعكسه هو من "خوارق" نواميس الكون وقوانينه وسننه التي لا تتبدل! حتى "كرامة" المصريين وآدميتهم باتت سعلة للمتاجرة .. ومطية لبلوغ المراد من أهل البلاد: العرش للعريس.. والجري للمتاعيس .. وحسابات في البنوك لنجوم اعلامه التافه والرخيص.. كل شيئ في مصر بات مستباحا ومادة خاما لتوظيفه وبيعه قطع غيار لأن يبقى حلم "التوريث" حيا وعفيا.. ولا مانع من ترك "الفتات" لإعلامي "الموائد" و"الموالد".. وبائعي "الأفيون" و"حبوب السعادة" للجماهير. فجأة افتكرنا أن لنا "كرامة".. والبعض طالب بمواجهة عسكرية بين الجيشين المصري والجزائري!.. فعلا "نكتة".. وكأن للمصري كرامتين: الأولى "محلية" تتساهل مع ضربها بالجزمة في الداخل، والثانية "خارجية" لا يقبل النظام ان يداس لها على طرف! أنا لا أدري مثلا الفارق بين اختطاف الزميل رضا هلال واختفائه في مصر.. وبين اختطاف واختفاء سفير مصر في العراق إيهاب الشريف في العراق!.. في تقديري أنه لم يكن لتحدث الثانية لو كان ل"المواطن" رضا هلال "كرامة" في مصر.. هل نسينا ما يحدث في مقار الشرطة.. هل نتذكر "عماد الكبير" وناشط "كفاية" الذي كانوا يضعون "قراطيس" الكرتون في فتحة شرجه؟!.. هل نسينا كيف اختطف الراحل الكبير عبد الوهاب المسيري وزوجته ورميه في صحراء السويس.. هل نسينا الصحفية الراحلة "نوال" التي تحرشت بها جنسيا مليشيات الوطني أمام نقابة الصحفيين المصريين؟! القائمة طويلة ولا تسمح لي المساحة المقررة للمقال لاستعراضها بالكامل.. "كارت" الكرامة ظهر اليوم فقط لحشد الرأي العام باسمها خلف "القائد الجديد" بعد أن فشل حسن شحاته في أن يهديه بطاقة التأهيل إلى "كرسي الرئاسة" يوم الأربعاء الماضي