أتحفنا الزميل الدكتور عبد العزيز قاسم الجمعة قبل الماضية بلقاء ممتع على فضائية (دليل) مع زميلنا القديم الأديب الأستاذ الدكتور عبد الله الغذامي. وكما هو عادته، فالضيف متحدث لا يُمل، واسع الإطلاع معتز بتخصصه رائد في مضماره. طبعًا أعجبني كما أعجب الكثير وأسعدهم تراجع الضيف الكريم عن كثير من أطروحاته السابقة معترفًا بأن كتابه (الخطيئة والتكفير) سيكون في أول القائمة التي ستُحرق لو كان إلى الحرق سبيلاً. بيد أن من استمع إلى الحوار يدرك بجلاء أن الدكتور ما زال يعيش مرارة حقبة ماضية قديمة مضى عليها ربع قرن أو يزيد، يوم كانت الحرب بين أنصار الحداثة ومعارضيها على اشدها بدءًا بكتاب (الحداثة في ميزان الإسلام) للدكتور عوض القرني، وانتهاءً بمناوشات النوادي الأدبية والصفحات الثقافية وغيرها. ولذلك فقد شددّ الدكتور عبدالله، بل واستنكر وما زال مستنكرًا خوض الدكتور عوض (فيما لا يحسنه ولا يفقهه) ولم يحط به من خفايا الحداثة وأسرارها وقواعدها وأصولها. ولست هنا بالمدافع عن الدكتور عوض، لكني أحسب أنه حاكم (الحداثيين) إلى أقوالهم وكتاباتهم، وهي بلسان عربي مبين يفهمه البدوي في خيمته والمثقف في داره سواء بسواء، لم يكن الخلاف على المصطلح أو التوجه بقدر ما كان على اللغة التي آذت الأسماع وأدمت القلوب. ولست أدري متى يتجاوز الدكتور عبدالله هذه الأزمة التي أخالها بسيطة، فهو أكبر من العيش على ذكراها في ضوء ما استجد له من تصورات بعد تقدم العمر به وبنا، وعسى الله أن يمد في عمره ويحسن خاتمته ويبارك له في كل كلمة حق وخير وصلاح. بقيت همسة حول امتناعه عن الرد على مكالمات الدكتور عوض ابتداء، وحتى بعد استلامه رسالة نصية يعلن فيها الأخير عن رغبته في التحدث إليه.. بحجة أن الرسالة لم تبدأ بالسلام، والسلام من أبجديات الدعوة التي يتمثلها الدكتور عوض! لن أخوض في مدى جدية السبب، لكنها في نظري المرارة إياها التي لا زالت عالقة في ذهن الضيف الكريم. تحياتي الخالصة للدكتور عبد الله وللزميل أبي أسامة ولقناة دليل الهادفة الممتعة. [email protected]