احتلت الصحافة السعودية موقعاً متأخراً ضمن قائمة مؤشر منظمة «مراسلون بلا حدود» الفرنسية، لقياس مساحة الحرية التي تتمتع بها الصحف في دول العالم، وجاء ترتيبها 163 من أصل 175 دولة شملها القياس، والصحافة السعودية ليست الوحيدة التي منيت بتقدير متواضع، إذ شاركتها دول عربية وأوروبية ايضاً. وأشار التقرير الى التدهور الملموس في حرية الصحافة في بعض الدول الأوروبية مثل فرنسا وإيطاليا، لكن أوروبا بقيت تحتل المراتب ال 15 الأولى في اللائحة. موقع الصحافة السعودية في التقرير الجديد ليس أفضل حالاً من السابق، فهي احتلت العام الماضي المرتبة 161 من 168 دولة، لكن اللافت ان التقرير الأخير وضع صحافة عربية في مواقع متقدمة، وهي تعيش وضعاً مشابهاً. وربما أسوأ، من وضع الصحافة السعودية في مراعاة سياسة المؤسسات الرسمية، والانفتاح على تيارات المجتمع وقضاياه الشائكة، فضلاً عن انه قلل من أهمية مناخ الحرية الذي تعيشه الصحافة المصرية، وجاءت مصر في مرتبة قريبة من دول عربية تعيش تحت سقف حرية متواضع، وتعاني من تدخل الجهات الرسمية في مضمونها، وهذه قضية تحتاج الى معاودة نظر، ومن يقرأ الصحافة المصرية الخاصة اليوم سيجد انها تتناول سياسات الحكومة، وقضايا الرأي العام المصري بطريقة تعتبر ممارستها ضرباً من الخيال في دول عربية أخرى، ومع هذا لم يؤثر هذا التحول المشهود في مؤشر تقرير «مراسلون بلا حدود». التقرير انصف صحافة الكويت وجعلها في المركز الأول، على مستوى دول الشرق الأوسط، واحتلت المرتبة ال60، وهي تستحق هذا الموقع، على رغم تراجع حريتها ومهنيتها عن السابق. وربما رفض بعض اللبنانيين وضع صحافته في مرتبة تالية للصحافة الكويتية، حيث احتلت الصحافة اللبنانية المرتبة ال61، لكن المتابع للصحافة اللبنانية، التي خطفتها الأحزاب والقوى السياسية، سيجد انها حصلت على اكثر مما تتوقع، فضلاً عن ان التقرير جامل بعض صحافة دول الخليج. بقيت الإشارة الى ان رفض التقرير أو مهاجمته ليس من دور الصحف، والأجدر بالصحافيين مناقشة دقته وموضوعيته، فهذا التقرير، على رغم كل عيوبه المهنية والموضوعية، مهم ومفيد لتطور حرية الصحافة وحمايتها.