أستعد هذا الأسبوع أنا وأسرتي لاستقبال شهر رمضان في العاصمة الأمريكيةواشنطن، حيث يجري العمل علي قدم و ساق في تلك الفترة خاصة في محلات الأطعمة الشرق أوسطية بالجوار التي يرتادها الأمريكيون المسلمون لشراء البلح والبندق وباقي مستلزمات شهر رمضان. فالمسلمون في أمريكا، مثل كل إخواننا وأخواتنا حول العالم، تغمرهم السعادة وينتظرون بشغف شهر العطاء والبركات. فالإسلام يلعب دورا محوريا في حياة الأمريكيين المسلمين. وقد وجد مركز جالوب أن أكثر من ثمانين بالمائة من الأمريكان المسلمين يؤكدون أن الدين جزء مهم في حياتهم اليومية، كما يؤكد أربعون بالمائة من المسلمين أنهم يذهبون إلي المسجد أكثر من مرة أسبوعيا، والمدهش أن الرجال والنساء يتساوون في ذلك. فالمسجد يلعب دورا جوهريا في لم شمل المجتمع خلال شهر رمضان. فتقدم المساجد وجبات إفطار جماعية أسبوعيا، والعديد منها يقدم الإفطار يوميا في رمضان تحت رعاية أعضاء من المجتمع وهي مجانية للجميع. كما يعقد المسجد أيضا حلقات العلم والدراسة بالطبع إلي جانب إقامة صلاة التراويح. و يقع المسجد الكبير و المسمي ب "دار الهجرة" بالقرب من منزلي حيث يتمتع هذا المسجد بإقبال كبيرمن أجل صلاة التراويح لدرجة أن ساحات انتظار السيارات تمتليء عن آخرها بجموع المصلين بل و نضطر إلي أخذ تصريح باستخدام ساحة الانتظار الخاصة بالكنيسة المقابلة للمسجد من أجل التدفق الشديد. وتتواجد الشرطة هناك لتيسير حركة مرور المصلين الذين يعبرون الطريق من ساحة الانتظار إلي المسجد بالمئات كل ليلة. فالأمر يتطلب المجيء مبكرا جدا لكي يجد الفرد مكانا يقف فيه. لقد أصبح شهر رمضان توقيتا ذا مغزي خاص في واشنطن. وحاليا تقيم كل هيئة حكومية كبيرة مائدة للإفطار. فعلي سبيل المثال تقيم وزارة الخارجية الأمريكية في الثامن عشر من سبتمبر مائدة إفطار رمضانية تحت رعاية السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية. كما تقيم كل من وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وبالطبع يقيم البيت الأبيض مائدة إفطار يدعي إليها زعماء المجتمع الإسلامي للإفطار مع كبار رجال الحكومة و المجتمع. كما يزداد عاما بعد عام عدد المنظمات التي تخص شهر رمضان بمناسبة أو حدث خاص. و طالما أن أغلبنا يعمل و يذهب إلي مكان يكون أكثر من فيه غير صائمين، فالأطعمة تملأ المكان حولنا طوال النهار، وأصبحنا معتادين البقاء لفترات طويلة وسط أناس يشربون القهوة ويأكلون بينما ننظر إليهم مما يثير ذهول زملائنا!، إلا أن هناك مجموعة من الطلاب المسلمين بجامعة تينيسي شرعوا في نشاط مثير منذ عام 2001 وذلك عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر بفترة وجيزة، و يدعو ذلك النشاط كل الطلاب للصيام من أجل عمل الخير. وقد أسموا ذلك النشاط فاستاثون وموقعه علي شبكة الإنترنت هو www.fastathon.org. واليوم هناك أكثر من مائتي منظمة طلابية مسلمة تدعو الطلاب من مختلف العقائد للصيام لمدة يوم واحد وفقا للتقاليد الإسلامية علي أن تقام ترتيبات يحصل خلالها كل من يتطوع للصوم علي كمية من تبرعات الخير. كما تتم دعوة هؤلاء الطلاب للإفطار مع المسلمين الآخرين في نهاية فترة الصوم. و قد وجدت علي موقعهم عبارة غاية في الأهمية، وأنا أعتقد أنها تجسد أفكار جميع المسلمين بأمريكا وهي: »لدينا رؤية شعب ليس فقط يقبل الإسلام والمسلمين، بل هو شعب أفضل بهم.«