إغلاق مكتب L B C .. قراءة في عملية الضبط الاجتماعي د. فهد العبري - المدينة إن قرار إغلاق مكاتب القناة المذكورة قرار صائب. فالسلطان له الحق والقدرة، بل ومن واجباته الحفاظ على أمن مجتمعه. فعملية الضبط الاجتماعي الرسمي لا تهدف فقط إلى معالجة القضية ذاتها، بل وإلى القضاء على أي احتمالية لتشعبات غير مرغوبة. يقول الزميل الإعلامي المبدع تركي الدخيل في زاويته بجريدة الوطن وتحت عنوان “لماذا نغلق مكتب LBC؟” إنه عزم على خوض عملية انتحار إعلامي نُصح بعدم خوضها عندما قرر استنكار إغلاق مكتب قناة في جدة. ومرد اعتبار طرح هذا الرأي نوع من الانتحار الإعلامي هو أن رأيه مخالف للأغلبية الساحقة. فالزميل اللامع تركي الدخيل يرى أن موقف الشعب السعودي يمثل ردًّا كافيًا على الإساءة التي تعرّض لها الشعب السعودي من خلال هذا البرنامج الذي بثت خلاله مجاهرة ذلك الشاب؛ عفا الله عنّا وعنه. والحقيقة أنني أختلف مع الزميل اللامع في ما ذكر من ناحيتين .. الأولى: أن طرحه لرأيه المختلف يمكن أن يفهم على أنه شجاعة أدبية يشكر عليها. فما أجمل القلم المختلف حينما يصرح بهذا الاختلاف عن ثقة واقتناع. وتكون لديه المرونة لاحترام الرأي الآخر وقبوله إن كان حقًّا. وأقبح به من قلم ذلك الذي ينساق مع قطيع الأقلام في الضوء، لكنه يشذّ عنها حينما تقرر الشمس الرحيل. أما الناحية الثانية التي أختلف فيها مع أبو عبدالله - غفر الله له - هو استنكاره لعملية الإغلاق. يقول تركي: “أما إغلاق القناة بالشمع الأحمر، فهو إجراء لا يحل المشكلة بقدر ما يعزّزها، من وجهة نظر العبد الفقير إلى الله”. ومردّ اختلافي معه يتعلّق بفهمي لعملية الضبط الاجتماعي والتي تعتبر الأساس الذي يضمن استمرار المجتمعات ودوامها. فالضبط الاجتماعي ينقسم إلى قسمين: ضبط اجتماعي رسمي وآخر شعبي. والأهم هو النوع الأول لأن الجهة المنوط بها هذا النوع من الضبط الاجتماعي هي التي تمتلك السلطة التنفيذية من ناحية. وهي الجهة المسؤولة عن الحفاظ على مجتمعها من جهة أخرى (وظيفة الدولة). أما النوع الثاني من أنواع الضبط الاجتماعي وهو الضبط الاجتماعي الشعبي فهو مهم من ناحية توجيه الرأي العام والمحافظة على الذوق السليم في المجتمع، لكنه يكون عاجزًا عن تحقيق الأمن، لذلك ورد في الأثر “إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”. ومرد ذلك أن هناك أنواعًا من الناس يخضعون للسلطان أكثر مما يخضعون للقرآن. فهم بحاجة إلى سلطة دنيوية تتعامل معهم. يقول العلامة الشنقيطي في تفسيره: “فإن لم تنفع الكتب تعيّنت الكتائب، والله تعالى قد يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”. ومن هذه الأنواع هذه القناة التي تعمّدت الإساءة إلى الشعب السعودي أكثر من مرة. فلم تحسب حسابًا لديننا أو ثقافتنا. وهي تعلم أن هذا الموضوع من أشد المواضيع حساسية لدينا. ومن هذه الأنواع أيضًا الشاب المجاهر بالمعصية. فهو ليس مراهقًا ولا جاهلاً ولا يعاني من مشاكل عقلية أو نفسية حتى يلتمس له العذر؛ بل هو رجل في منتصف عقده الثالث ولديه أربعة أطفال قد ناهز أكبرهم سن البلوغ. فهذا الرجل لم يحسب حسابًا لدينه أو لمجتمعه. ومن هنا فإن قرار إغلاق مكاتب القناة المذكورة قرار صائب. فالسلطان له الحق والقدرة، بل ومن واجباته الحفاظ على أمن مجتمعه (الأمن الفكري والاجتماعي). فعملية الضبط الاجتماعي الرسمي لا تهدف فقط إلى معالجة القضية ذاتها، بل وإلى القضاء على أي احتمالية لتشعبات غير مرغوبة.