وكما أن لليل بناته.. فله قنواته.. وكلٌ في فلك الدلالة المجازية يسيرون.. لما يعفّ عنه الخلق وتأباه الفضيلة.. ويرسف في المحط الأثيم.. ** ومن (قنوات الليل).. تلك التي دأبت على تدوير نفايات الهم والاهتمام..وعرضنا على العالم بشكل مخزي.. لاننكر وجوده.. شرط أن يكون في سياقه.. وأن تكون مقتضيات كشفه فوق منقصة التشفي.. أو مجانية الانحياز..... ** ماذا يعني أن تتولى (تلك القناة).. إفساح ساعات بث لمن سميناه (المجاهر بالرذيلة)...؟ وتعتمده (بطلاً) تستقطب من خلاله الناس وتستدعي الإثارة.. وتنتقيه نموذجاً بعينه.. من بين كل قضايانا وإشكالاتنا الاجتماعية وإنجازاتنا.. وتعرضه للعالم بتلك الصورة.. وبعده تحبك قصة (المجاهر بالعقوق).. وتمارس معه حواراً تربوياً ونفسياً هابطاً.. تستثير من خلاله الشعور بالاشمئزاز والأسى.. ليتضح فيما بعد أنَّه كان مأجوراً.. بيع لمأجور بثمن بخس.. ** هل تحاول (قناة الليل) مناهضة الصورة الذهنية لمجتمع ظل يغالي كثيراً بطهرانيته ونقاوة عناصره.. وخلوه من الشوائب..؟ أم تحاول تشكيل صورة أخرى بديلة... قوامها إشهار عوار هذا المجتمع والمتاجرة بعيوبه؟.. أم أن القضية برمتها لا تعدو أن تكون استنساخاً لقصة المذيعة الشهيرة وبناتها وليلها.. عندما خرجت للمشاهدين بسبق فضائحي مهين..؟ أُكتشف فيما بعد أنها أدوار مدفوعة الثمن.. في استغفال واضح وفاضح لعقلية المشاهد وأخلاقيات الإعلام.. وسمعة المؤسسة.. ** الرذيلة والعقوق والشذوذ.. عُرفت كسلوك بشري منذُ وجد الإنسان.. وفي كل المجتمعات وأشدها محافظة .. ومحاولة طمسها أو تغييبها أو إنكارها.. افتئات على طبيعة النفس البشرية.. وتجاوز للموضوعية في التعاطي مع الأحوال والظواهر الاجتماعية.. والنوازع البشرية.. و(مجتمعنا) كغيره من المجتمعات ينصاع لسنة الله في خلقه.. لا ننكر عيوبه وسقطاته.. ولا نستعيب من نقائصه ومسبَّاته.. .. ولكن (قناة الليل).. لا تحاول مقاربة تلك القضية في سياقها الطبيعي.. من منظور مهني وأخلاقي مسؤول.. بل تزايد على الضمائر المجانية والذوات الرخيصة بثمن بخس.. ومن ثم تسوِّقها للمشاهد في إطار من دراما مبتذلة.. وادِّعاء لصراحة مكشوفة شوهاء.. ** و(المطلوب).. معالجة علمية ورسمية هادئة ومتزنة.. تراجع ما حدث - ما عُرض .. لمعرفة دوافعه وأهدافه..؟ فثمة إستراتيجية أُعد لها بدهاء.. شعارها (يحدث في السعودية) وبتوقيتها...وفي منظومة قنوات.. ربما لم تجاهر بالخطيئة ك(قناة الليل).. ولكن مجمل طرحها مهما تلّون وتقنَّع.. يستبطن ذات المضمون.. بمواربة خفية أحياناً.. تنفثه رذاذاً حامضاً يسكن مسام حواس مفتوحة تجاه الشاشة.. ...... كما أن إغلاق (مكتب القناة).. لا يضمن الإحاطة بكل المنافذ المفتوحة لها - ولغيرها - في الأرض والسماء وأقطارهما.. مثلما لم يمنع ميثاق الشرف الإعلامي العربي.. أحد أجنحته من تشريخ الشرف العربي بتلك الطريقة... فما العمل؟؟