جهاد الخازن - الحياة فحص الطبيب المريض طويلاً وبدقة وأخيراً قال له: لا أجد أي سبب لما تشكو منه، ربما كان الأمر إدمان الشراب، وردّ المريض: حسناً، سأعود إليك عندما تصحو. بدأت بطرفة أملاً بأن يبقى القارئ معي فقد وقعت على معلومات طبية تراوح بين الهذر والجد وتستحق التسجيل، فربما فيها فائدة. يقال إن الدهن في الطعام يسبب الإصابة بنوبة قلبية، غير أن المكسيكيين يتناولون دهناً كثيراً في طعامهم، وهم أقل إصابة بنوبات القلب من الأميركيين. طعام اليابانيين يضم دهناً قليلاً، وهم أيضاً أقل إصابة بنوبات القلب من الأميركيين. ويقال إن النبيذ الأحمر مفيد للقلب، غير أن الصينيين يشربون قليلاً جداً من النبيذ الأحمر وهم أقل إصابة بنوبات القلب من الأميركيين. في المقابل الإيطاليون يشربون النبيذ الأحمر أكثر من أي شعب آخر، ربما باستثناء الفرنسيين، وهم أقل إصابة بنوبات القلب من الأميركيين. الألمان يشربون البيرة (الجعة) بكميات هائلة والدهن كثير في طعامهم، ومع ذلك فهم أقل إصابة بأمراض القلب من الأميركيين. المعلومات السابقة صحيحة وثمة إحصاءات، بينها متوافر من منظمة الصحة العالمية التي تدعمها، ما يعني أن مسلمات طبية عن أمراض القلب وما يفيد وما يضر ليست صحيحة. عندي تفسير خاص، أي انه غير علمي، لما سبق، هو أن ضغوط الحياة تسبب المرض، وأن الزعل يقتل. بالنسبة الى الأميركيين فقد اختاروا الضغط أسلوب حياة، وهم يقضون نهارهم في الركض وراء العمل، وإذا اختاروا الراحة فهواياتهم متعبة وتحتاج الى جهد. أما الزعل فهو يجعل الأمراض الكامنة تطلع الى السطح، وعندي أمثلة، فالرئيس جمال عبدالناصر، بعد هزيمة 1967، ارتفع معدل السكري عنده مع أمراض أخرى، وذهب الى روسيا للعلاج وبقي هناك شهراً أو نحوه وتوفي في مقتبل العمر. واستقال ريتشارد نيكسون لتجنب العزل وأصيب بجلطة وصلى كاهن عليه توقعاً أن يموت إلاّ أن الطب الأميركي أنقذه. ثم هناك، مثلاً، فرديناند ماركوس وشاه إيران، فقد أصيبا بالسرطان وتوفيا بعد قليل من سقوطهما. أقول للقارئ «لا تزعل»، وأسأله «زعلان ليه؟» فالمشكلة مهما كبرت وتعقدت يمكن التصدي لها بالنوم بعد الظهر. أقول له أيضاً ألاّ يقلق على صحته، لأن القلق لا يفعل سوى أن يزيد المرض، وعندي له نصائح طبية نقلاً عن الانترنت أرجو ألاّ يحملها القارئ محمل الجد. المريض يسأل الطبيب هل هناك تمارين للقلب لتنشيط النبض، والطبيب يرد أن كل قلب سينبض عدداً محدداً من النبضات، ثم يشيخ أو يتآكل ككل شيء آخر، وتسريع النبض مثل القول إن قيادة السيارة بسرعة ستجعلها تخدم مدة أطول. والمريض يسأل هل يقلّل من أكل اللحم ويكثر من الفاكهة والخضار، والطبيب يقول إن البقرة تأكل حشيشاً وخضاراً واللحم (الفيليه) يوفر ما يحتاج إليه الجسم من خضار بالتالي. أما إذا أراد الإنسان حبوباً فعليه بلحم الدجاج الذي يأكل الحبوب. ويتبع هذا أن النبيذ مصنوع من فاكهة، كأكثر الخمور، والبيرة من حبوب. أما نسبة الدهون في الجسم فلا حاجة لدرسها فكل من له جسم عنده دهن. هذا الطبيب قال لمريضه أيضاً إن الطعام المقلي صحّي بعكس الشائع عنه فأكثر القلي هذه الأيام هو بزيت الخضار، ويفترض أن الخضار تفيد الصحة. وهذا يعني أن الشوكولا مفيدة لأنها من حبوب الكاكاو، أي نوع آخر من الخضار. الطبيب عارض رداً على سؤال آخر الرياضة لأنها تؤدي الى زيادة حجم العضلات، ما يعني تضخم الكرش، الضخم أصلاً. والسباحة أسوأ منها، وعندنا في الحيتان تحذير كاف من السمنة التي تسببها السباحة. سأبحث عن عنوان هذا الطبيب فنصائحه ما أحب أن أسمع بالمقارنة مع طبيب العائلة الذي يحذرني كل مرة من «الأبيض»، السكر والملح والخبز، ولا أسأله ماذا يبقى لي إذا امتنعت عن كل هذا؟ الحل السلمي؟ رغم ما سبق أعترف بأن الطب تقدم كثيراً، والسبب الأهم أن الطبيب يريد أن يعيش مريضه بما يكفي لدفع الفاتورة.