كثير من الآراء التي يتوصل إليها، ليس عامة الناس وآحادهم، بل سادتهم وقادتهم، هي آراء مبنية على السماع، بعيدة عن الكشف والتمحيص والتدقيق، والخطورة أنها قد تكون آراءً في صيغة فتوى، أو توجيهاً يبدو من خلاله أن صاحبه يوجه المستمع أو القارئ إلى الطريق الأقرب إلى القبول الإلهي. في موقع الدكتور يوسف الأحمد سؤال إيحائي موجه جاء فيه: فضيلة الشيخ نشر اليوم الاثنين 2/5/1430 في صحيفة الجزيرة خبراً خطيراً بعنوان "وفد نسائي يزور تونس لبحث التدريب التقني" وجاء فيه :" تونس: واس . بدأ وفد نسائي من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني أمس زيارة لتونس لدراسة التعاون الثنائي في مجال التدريب التقني النسائي. ويجري الوفد محادثات مع الجانب التونسي تتركز على تبادل الخبرات والتجارب في مجال التدريب التقني النسائي وتخصصاته (...).ألا يدخل هذا في السفر بلا محرم المنهي عنه ، وهل يجب الاحتساب عليه؟. فيجيب صاحب الموقع الذي أكاد أجزم بأنه لم ير تونس عياناً ولا مناماً: "الموضوع أخطر من سفرهن بلا محرم وإن كان محرما للنصوص الصريحة الصحيحة في تحريمه، فحكومة تونس هي أسوأ حكومة في العالم في محاربتها لشعبها في دينه فهي تمنع الحجاب الشرعي في الدوائر الحكومية والجامعات ، وتضيق على المسلمات ، وتتبنى الاختلاط المحرم بأسوأ صوره ، وتقنن دور البغاء رسمياً ، وتحرم التعدد ، وتحارب الدعوة إلى الله تعالى". ثم ينصح عضوات الوفد "بالتوبة إلى الله تعالى وألاّ يكنَّ سببا في تمييع الدين وطعما يصطاد به المنافقون وهن غافلات". ثم أنقلكم إلى ما كتبه قبل أيام الشيخ سلمان العودة، عن تونس أيضاً، لكن بناءً على معرفة وزيارة، حيث كتب في شهر أبريل الماضي:" زرت بلداً إسلامياً, كنت أحمل عنه انطباعاً غير جيد، وسمعت غير مرّة أنه يضطهد الحجاب، ويحاكم صورياً، ويسجن ويقتل، وذات مؤتمر أهداني أخ كريم كتاباً ضخماً عن الإسلام المضطهد في ذلك البلد العريق في عروبته وإسلاميته. ولست أجد غرابة في أن شيئاً من هذا القيل حدث ذات حين؛ في مدرسة أو جامعة, أو بتصرف شخصي, أو إيعاز أمني, أو ما شابه. بيد أني وجدت أن مجريات الواقع الذي شاهدته مختلف شيئاً ما ؛ فالحجاب شائع جداً دون اعتراض، ومظاهر التديّن قائمة، والمساجد تزدحم بروّادها من أهل البر والإيمان، وزرت إذاعة مخصصة للقرآن؛ تُسمع المؤمنين آيات الكتاب المنزل بأصوات عذبة نديّة، ولقيت بعض أولئك القرّاء الصُّلحاء؛ بل وسمعت لغة الخطاب السياسي؛ فرأيتها تتكئ الآن على أبعاد عروبية وإسلامية، وهي في الوقت ذاته ترفض العنف والتطرف والغلو، وهذا معنى صحيح، ومبدأ مشترك لا نختلف عليه". أسهل مهمة أن نعتبر أن الدنيا مقبلة على الانهيار، وأن الفساد يحيط بنا من كل جانب، وأن الناس سائرون في طريق الانحراف، لكن محاولة تعزيز الإيجابية، والعمل على نشر الخير، أصعب من ذلك بكثير... في صحيح مسلم" إذا قال الرجل هلك الناس، فهو أهلكهم". قيل في أهلكهم: أشدهم هلاكاً، وقيل: إنه سببٌ في هلاكهم.