في مسار التقييم، والتقويم في أي مجال يبرز النقد وسيلة فعالة مؤثرة. ويقال دائماً إن النقد الموضوعي هو ذلك النقد الذي يبرز الايجابيات بهدف تعزيزها، ويكشف الأخطاء بهدف عدم تكرارها، ويسلط الضوء على المشكلات بهدف حلها. أتوقف ومعي علامة تعجب أحياناً عندما أجد أن من يستفيد من النقد ويحقق النجاح، يتجه إلى الناقد يرد عليه، ويقال عادة في هذا الشأن «النجاح رد على المشككين والحاقدين» ومصدر العجب أنني كنت افترض ان الناجح استفاد من النقد وبالتالي يتوجب عليه توجيه الشكر للناقد في بيئة العمل فإن المدير الناجح هو الذي يبحث عن مساعد صادق غير مجامل يطبق مقولة «صديقك من صَدقَك لا من صدَّقك». وإذا كان المدير ينتظر من مساعديه موافقته على كل شيء فهو لا يحتاج إليهم، وإذا كان لا يريد أن يسمع سوى الأخبار الجيدة فهو يعيش في عالم الوهم. في عالم الأمس، وعالم اليوم، وعالم الغد، ليس هناك اختلاف على دور النقد، وأهمية النقد فهو أداة للتغيير والتطوير، ومن يمارسه يتحمل مسؤولية كبيرة لأن النقد الإنشائي غير مجدٍ كونه يفتقد الحقائق ويعتمد على أخبار وروايات غير موفقة إذا كان هناك اتفاق على أهمية النقد فإن الاختلاف يكمن في أسلوب النقد. - هناك نقد يتجه إلى «الشخص» وهناك نقد يتجه إلى «الفعل» وهناك نقد ساخر يبحث عن الإثارة ويفتقد الحقائق. - هناك نقد مبادر، خلاق ينظر إلى أفق المستقبل، وهناك نقد مقيد برد الفعل. - هناك نقد متخصص، وهناك نقد عام تنتمي إليه طائفة من الناقدين حسب الظروف المتغيرة وربما يندرج تحت هذه الفئة بعض النقاد السياسيين الذين يسمحون لأنفسهم بعدم الثبات في المواقف والآراء. اعد الاختلاف في أسلوب النقد في أي مجال لا يلغي أهمية الاستفادة منه والتعامل معه بطريقة ايجابية حتى وإن ابتعد عن الموضوعية. نستطيع الاستفادة من النقد الموضوعي البناء بتوجيه الشكر لصاحبه، ودراسة أفكاره، وكيفية الاستفادة منها في التغيير والتطوير. وإذا اتجه النقد وجهة غير موضوعية فيمكن التعامل معه من خلال إبراز الحقائق بصرف النظر عن صاحب النقد وأهدافه. وفي العادة فإن النقد غير الموضوعي لا يستطيع الصمود أمام الأسئلة الموضوعية. ان فن النقد في كافة المجالات قد يتفرع في أدواته وأساليبه ولكن العنصر المشترك الذي تلتقي عنده كافة الفروع هو الموضوعية. أما بالنسبة للمستهدف من النقد فإنه مهما كان المجال الذي يعمل فيه ومهما كان موقعه في الهرم الوظيفي فإنه يظل بحاجة إلى النقد. أي إنسان يعمل يجب أن يبدأ يومه العملي بمن يهدي إليه عيوبه وأخطاءه ويشكره على ذلك، وان يوجه اللوم على من يوافقه على كل شيء ويصفق لكل شيء.