عادت قضايا الدية المرتفعة للواجهة في السعودية بعد أن طلبت إحدى قبائل منطقة نجران (أقصى جنوب المملكة) مبلغ 25 مليون ريال مقابل التنازل عن رقبة قاتل أحد أبنائها. وشهدت المنطقة حركة دؤوبة في الأيام الماضية بهدف إقناع أسرة آل عفان بالتنازل عن القصاص من أحد أبناء قبيلة الصقور المتهم بقضية قتل قبل ثلاث سنوات أثناء مشاجرة جماعية بين مجموعة من أبناء الصقور وأبناء آل عفان، نتج عنها وفاة أحد أبناء آل عفان. وشهد أكثر من 20 ألف شخص نهاية الخلاف الطويل بين الأسرتين أمس بعد أن وافقت عائلة القتيل على العفو مقابل مبلغ 25 مليون ريال. وطلب والد القتيل في البداية 70 مليونا للتنازل وقطعة أرض ولكن بعد مداولات تدخل فيها مشايخ وأعيان ووجهاء القبائل الحاضرة، تم تخفيض الحكم إلى خمسة وعشرين مليون ريال. وكان من المقرر تنفيذ الحكم في القاتل عيد الفطر الماضي، ولكن تدخل أمير منطقة نجران الأمير مشعل بن عبدالله أجل تنفيذ الحكم مما سمح بالتوصل للاتفاق. وتوافد منذ الثامنة من صباح أمس الحضور من مختلف قبائل المنطقة وشهدت تنفيذ تقاليد ضاربة في القدم في مثل هذه الحالات بدأت بما يسمى (الربّخة) وهو مصطلح يقصد به إعلان أسماء كُفلاء وغُرماء يقومون بقبول أحكام ذوي المقتول التي يطلبونها وهي كانت في البداية فتح طريق سبيل خاص في بلاد الصقور في حي دحضة إلى منازل آل عفّان وأوطانهم، وإجلاء عائلة آل قذيلة الصقور من أوطانهم ومساكنهم خارج نجران لإحياء ذكر الشخص المقتول... ومبلغ 70 مليون ريال. وبعد أن قام الحضور من مشايخ ووجهاء وأعيان المنطقة بطلب ذوي المقتول تخفيف الحكم، وبعد مشاورات طويلة تنازل والد القتيل عن الشرط الأول والثاني، وتخفيف المبلغ إلى 25 مليون ريال. وتعتبر جلسات الصلح التي يحضرها شيوخ قبائل المنطقة أحد أهم عادت وتقاليد السعودية.. ونادرا ما يقوم أهل القتيل برد (جاهة) شيوخ القبائل ولكنهم يشترطون مبالغ كبيرة مقابل التنازل للتأكيد على أن دم مقتولهم لم يكن رخيصا، ولا يجد شيوخ القبائل مشكلة كبيرة في جمع المبلغ الذي تشارك القبيلة كلها في جمعه.