استأنفت مساء الجمعة 06 ذو الحجة 1434 ه الموافق 11 اكتوبر 2013 أعمال مؤتمر مكةالمكرمة الرابع عشر ،الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي بعنوان ( حقوق الإنسان بين الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية ) ، بعقد الجلستين الثانية والثالثة بحضور معالي الأمين العام للرابطة الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي وأصحاب الفضيلة العلماء والدعاة وأساتذة الجامعات ومسؤولي المراكز الإسلامية الذين دعتهم الرابطة للمشاركة في المؤتمر، وحجاج بيت الله الحرام الذين تستضيفهم الرابطة لأداء فريضة الحج. وتناولت الجلسة الثانية موضوع (حقوق الإنسان في المواثيق الدولية) وترأسها معالي وزير التعاون الدولي بجمهورية غينيا كوناكري الدكتور قطب مصطفى سانو . وشملت محاور الموضوع ( حقوق الإنسان عبر التاريخ ) لعضو هيئة التدريس بجامعة عجمان بالإمارات العربية المتحدة الدكتور محمد ولي الله عبد الرحمن الندوي , و( فلسفة حقوق الإنسان في المواثيق الدولية ومرجعيتها ) للأستاذ بكلية الحقوق في جامعة مولود معمري في تيزي أوزو الجزائر الدكتور سعيد بن أعراب بويزري ,و ( المواثيق الدولية لحقوق الإنسان في ميزان الإسلام ) وقدمه رئيس هيئة الإفتاء وأهل السنة والجماعة بالعراق الدكتور عبد الملك بن عبد الرحمن السعدي ,و ( إسهامات الدول والمنظمات الإسلامية في تقرير حقوق الإنسان وحمايتها ) لعضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالمملكة الدكتور صالح بن عبد الرحمن الشريدة . وبين الباحثون أن المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وفي مقدمتها الإعلان العالمي الذي أصدرته هيئة الأممالمتحدة بشأن الحقوق الإنسانية تضمنت مبادئ صالحة ومتفقة مع الشريعة الإسلامية، مشيرين إلى أن العديد من مراكز الدراسات المتخصصة في الشؤون الإنسانية دعت إلى تعديل تلك المواثيق، وجعل تطبيعها واقعاً عملياً وسد ثغرات التجاوز في التطبيق العالمي للحقوق. وأبانوا أنه رغم الجهود المبذولة في مجال ترقية منظومة حقوق الإنسان ؛ فإن شرخاً كبيراً قد وقع بين الجانب النظري الذي يبرزه العدد الهائل من المواثيق والاتفاقات الدولية والإقليمية المختلفة، وكذا الدساتير والقوانين الموضوعة للبلدان، وبين الواقع المؤلم لحقوق الإنسان الذي يشهد ألواناً من الانتهاكات الصارخة؛ مما يدفع إلى مراجعات جدية وسريعة من الأسرة الدولية ببذل مجهودات جماعية فاعلة من خلال غرس قيم التعايش والتسامح بين شعوب العالم وتفعيل مبدأ المشروعية الذي يقتضي خضوع الحكام والمحكومين على السواء للقواعد القانونية تحقيقاً لدولة القانون وتفعيل اللجان والمحاكم الدولية التي تسهر على حماية حقوق الإنسان وتشكيل رأي عام دولي ناضج مدرك لحقوق الإنسان وحرياته وتفعيل الحماية القضائية لحقوق الإنسان وحرياته بجميع صورها ومنها الحماية القضائية المدنية، والحماية القضائية الإدارية.
وفي الجلسة الثالثة تحت عنوان (حقوق الإنسان بين النظرية والتطبيق) برئاسة نائب رئيس جامعة عبد الله بن ياسين بنواكشوط في موريتانيا الدكتور محمد السالم ولد الخو ، ناقش المشاركون أربعة بحوث هي ( الانتقائية في تطبيق حقوق الإنسان ) وقدمها المستشار بدائرة القضاء في أبو ظبي الدكتور عبد الرحيم محمد العلمي و(حقوق الإنسان والخصوصية الثقافية والدينية ) لمقرر لجنة النهوض باللغة العربية برابطة الجامعات الإسلامية في جمهورية مصر العربية اللدكتور عبد الله عبد الفتاح التطاوي،و( تطبيقات حقوق الإنسان في المجتمع المسلم ) لمعالي وزير العدل اليمني القاضي مرشد بن علي العرشاني ، و( آليات ترسيخ حقوق الإنسان ) للمحامي جيلان نجاتي من تركيا عضو الهيئة الإسلامية العالمية للمحامين التابعة لرابطة العالم الإسلامي. وبين الباحثون خلال استعراض بحوثهم في هذه الجلسة أن الانشغال الأممي عن التطبيق المطلوب لحقوق الإنسان يعكس حالة من القلق والحذر تجاه إضاعة حقوق الفرد أو المجتمع في زحام تيار الحضارة المتدفق، وما يصحبه من عنف العولمة الثقافية التي تعصف بتاريخ بعض الشعوب، أو تسلب أبناءها حقهم الطبيعي في الحقوق الإنسانية . وأكدوا أن الشريعة الإسلامية تظل ضامنة لسلامة التطبيق بدليل مشاركة الدول الإسلامية في التوقيع على المواثيق أو إضافة ملاحق لبعضها، بما يعد نوعاً من السبق التاريخي والتأصيل للفكر الإسلامي والشريعة في صياغة حقوق الإنسان قبل القوانين الوضعية الغربية، وأن بروز الجزئية في صياغة المواثيق والقوانين والملاحق الدولية تظل من مؤشرات الإدراك المتأخر لشمولية حقوق الإنسان من الفرد والمجتمع والأسرة والطفل والمرأة بقدر ما تنسحب على حقوق الأقليات وهو ما لم تتجاهله الشريعة الإسلامية بقدر ما شغلت به على سبيل الاستقراء والاستقصاء لكل ما يضمن سلامة حياة الإنسان ورفاه العيش وأمن البقاء في المجتمعات والأماكن والأزمنة. وفيما يتعلق بحقوق الأقليات الدينية أوضح الباحثون أن حقوق المسلمين تنتهك في العديد من البلدان لكن الإسلام ضمن حقوق غير المسلمين في المجتمع المسلم ، وحث على الوفاء بالعهد وعدم ظلم أهل الذمة والمعاهدين .