المائدة العربية عادة ما تكون غنية بالمأكولات الفاخرة والتي كلما زاد الدسم فيها كلما اعتبر ذلك دليلا على جودة المائدة وكرم أهلها، ولعل أهم الولائم التي تحضر في البلاد العربية "الكبسة والمندي" في دول الخليج العربي، و"المنسف والمسخن" في الأردن وفلسطين. ضيوف هذه الولائم الذين يسعدون كثيرا بها قد تخف نسبة سعادتهم بآراء استشاريي أمراض الذكورة الذين حذروا من بعض المفاهيم الخاطئة التي ترسخت في أذهان الكثير من العرب، والمتمثلة في تناول مأكولات معينة لزيادة القدرة الجنسية، مثل الإفراط في تناول الكبسة والوجبات الدسمة الغنية بالدهون و«الكولسترول» قبل المعاشرة الزوجية بدعوى أنها مفيدة في إتمام العلاقة الحميمية، مؤكدين أن الواقع عكس ذلك تماما.
التفسير العملي للموضوع يوضحه استشاري أمراض الذكورة الدكتور أحمد إبراهيم السقا فيقول: "بمجرد تناول الوجبات الدسمة تتوجه أكبر كمية من الدم الموجود في الجسم إلى المعدة، ما يؤدي إلى الشعور بالخمول والكسل ويؤثر بشكل مباشر على وصول الدم للأعضاء الطرفية ومنها العضو الذكري، وبالتالي حدوث ضعف الانتصاب على المدى القصير، أما على المدى الطويل فإن تناول الوجبات المشبعة بالدهون يرفع مستويات الكولسترول بالدم وبمرور الوقت يؤدي إلى ضيق في الشرايين وتصلبها ما يؤثر على كفاءة الانتصاب ويؤدي إلى الضعف الجنسي".
ولهذا فإن معدلات الإصابة بالضعف الجنسي لدى الرجال المدمنين على تلك الأطعمة آخذة في الارتفاع نتيجة أسباب عدة، يأتي في مقدمها انتشار مرض السكري، إضافة إلى ارتفاع نسبة الكولسترول بالدم وأمراض القلب والشرايين ومشكلات البروستاتا والتدخين والسمنة ونمط الحياة الخامل البعيد عن ممارسة الرياضة، بحسب دراسة أجريت حول أمراض الذكورة.
وحسب احصاءات وزارة التجارة السعودية عام 2005 فإن (الكبسة السعودية) تستهلك نحو مليوني طن من الأرز واللحم و416 مليون دجاجة في العام زادت تكلفتها على ال4.5 مليارات ريال.
ورغم التحذيرات الطبية من تناول الكبسة بكميات كبيرة والتشديد على عدم استخدام الدهون الحيوانية واستبدالها بزيوت صحية في تحضير الكبسة تفاديا لأمراض خطيرة كالسكري وارتفاع نسبة الدهون والكولسترول في الدم إلا أن الكميات المستوردة سنوياً من المواد الأساسية المكونة للكبسة في تصاعد مستمر، ويعتبر الأرز من المكونات الرئيسية للكبسة حيث تستورد السعودية منه 1.09 مليون طن سنوياً بتكلفة تجاوزت ال3.6 مليارات ريال، فيما تستهلك من اللحم نحو مليون طن سنويا بنسبة إنتاج محلي منه قاربت ال20%.، أما الدجاج فيستهلك أكثر من 416 مليون دجاجة في العام الواحد خلافا لما كان عليه السعوديون في السابق حيث يستهلكونه بندرة.
وتقسم اختصاصية التغذية ريما سلمان الكبسة إلى قسمين هما النشويات الموجودة في الرز، والبروتينات في اللحم والدجاج، معتبرة أن الكبسة وجبة غذائية كاملة إذا قدمت معها الخضراوات. وتضيف أن الكبسة صحية إذا اخترنا نوعية الدهون بعناية وكميات قليلة وقللنا من الكميات التي يلتهمها الشخص في اليوم من الكبسة.
من جهة أخرى، أوضح خبراء صحة أن هناك أضرارا تصاحب وجبة المندي الشعبية متمثلة في أول أكسيد الكربون المتبقي في التنور المستخدم لطهيها، بعد إحراق الأخشاب أو جذوع النخيل، ويبدأ هذا الضرر بعد وضع الوجبة داخل التنور وتغطيتها بغطاء محكم لا يسمح بدخول الهواء إليها فيتراكم الكربون في اللحم والأرز، إلا أن المعتادين على تناولها لا يكترثون بتلك النصائح حرصا منهم على عدم انقطاعهم عن عادة غذائية متوارثة منذ عدة أجيال ويعتبرونها أقل ضررا من انتشار الوجبات الغربية السريعة.
وإضافة إلى المندي والكبسة والمسن والمنسف كاملي الدسم خرجت دراسة غربية حديثة تقول إن الرجال الذين يتناولون 3 حصص غذائية من منتجات الحليب كامل الدسم يوميا تضعف لديهم نوعية الحيوانات المنوية مقارنة بغيرهم.
وتحتوي الحصة الغذائية على 28 غراما من الجبن، أو ملعقة صغيرة من القشدة، أو مغرفة من البوظة، أو كوبا من الحليب كامل الدسم. كما وجدوا أن الكميات الصغيرة أيضا من الألبان كاملة الدسم أظهرت ضعفا دراماتيكيا في الخصوبة.