شرت البرازيل قوات خاصة من الشرطة لحماية منشآت كأس القارات 2013 لكرة القدم المقامة حتى 30 الحالي، بعد الاحتجاجات العنيفة التي تجددت اليوم الاربعاء وهذه المرة في فورتاليزا حيث تتحضر البرازيل المضيفة لمواجهة المكسيك في وقت لاحق من مساء اليوم الاربعاء. وتجمع حوالي 10 الاف متظاهر بعضهم يحمل العلم البرازيلي على بعد 3 كيلومترات من ملعب كاستيلاو الذي كلف تجديده بهدف استضافة كأس القارات ومونديال 2014 حوالي 180 مليون يورو، وذلك بحسب صحافيي وكالة "فرانس برس". "كل شيء هادىء في الوقت الحالي"، هذا ما نقله الصحافيون عن الشرطة التي انتشرت بشكل مكثف من اجل تأمين محيط الملعب حيث منعت السيارات من الدخول الى منشآته باستثناء تلك التي تحمل تصريحا خاصا من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا". لكن الهدوء لم يدم طويلا اذ سرعان ما بدأ المتظاهرون برمي الحجارة على الشرطة التي ردت بالقنابل المسيلة للدموع وبالرصاص المطاطي ما ادى الى اصابة احد المتظاهرين في عينه فيما نقل اخر على حمالة. "برازيل، استيقظي، البروفيسور اهم من نيمار"، هذا ما صرخ به المتظاهرون في اشارة منهم الى نجم المنتخب البرازيلي نيمار الذي انتقل الى برشلونة الاسباني مقابل مبلغ قدر ب57 مليون يورو. واهتزت البرازيل باضخم تظاهرات اجتماعية منذ 21 سنة، دامت امس الاول الاثنين اكثر من سبع ساعات في عدة مدن، خصوصا في ريو دي جانيرو التي عرفت مشاهد حرب عصابات. وهذه اكبر تحركات منذ 1992 التي حصلت ضد فساد حكومة الرئيس السابق فرناندو كولور دي ميلو، المستقيل خلال محاكمته السياسية امام مجلس الشيوخ. ويحتج المتظاهرون على ارتفاع اسعار النقل العام ونفقات تحضير مونديال 2014 واخذت الاحتجاجات في بادىء الامر طابعا سلميا لكن سرعان ما اصبحت عنيفة ما دفع القيمين على الامن الى ارسال افراد من القوة الوطنية، وهي فرع نخبوي من الشرطة الفدرالية مختص بمكافحة الشغب، الى المدن الست المضيفة للبطولة (فورتاليزا وريو دي جانيرو وسالفادور دي باهيا وبيلو هوريزنتي وريسيفي وبرازيليا) بحسب وزارة العدل. "نحن نتظاهر لان الاموال التي انفقت على الملاعب يجب ان تنفق في التعليم والصحة"، هذا ما قاله المتظاهر الشاب ماتيوس دانتاس (18 عاما). وقد اعلنت بلدية فورتاليزا اليوم الاربعاء عطلة رسمية في المدينة من اجل تخفيف زحمة السير وقد تمت الاستعانة بستة الاف شرطي اضافي تابعين لولاية سيارا التي تشكل فورتاليزا عاصمتها. ونصحت البلدية المشجعين باستخدام وسائل النقل العام والحافلات التي ستنقلهم الى الملعب مجانا. وبدأت التظاهرات الجدية اعتبارا من الاثنين حيث تجمهر سلميا في بادىء الامر نحو 100 متظاهر في ريو دي جانيرو قبل ان تأخذ الامور مسارا عنفيا مع حلول الليل. واشتبك متظاهرون ورجال شرطة امام الجمعية التشريعية، واطلقت مجموعة منهم الاسهم النارية على الشرطة واضرمت النار في سلال القمامة واحرقت سيارة، في وقت صرخ متظاهرون اخرون: "لصوص! لا للتخريب!". واستعمل 80 شرطيا من قوات النخبة داخل الجمعية التشريعية القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي، كما ان الرصاص الحي قد اطلق في الهواء ايضا، قبل ان تفرق شرطة مكافحة الشغب المتظاهرين في الليل. واطلق المتظاهرون قنابل مولوتوف والحجارة على المبنى، وبعضهم حاول الدخول من النوافذ. واصيب في الاشتباكات 20 شرطيا و7 متظاهرين، بينهم اثنان بطلقات نارية. وضرب المتظاهرون موعدا على شبكات التواصل الاجتماعي، وبلغ عددهم في مجمل انحاء البلاد 200 الف شخص. وقال محللون على شبكة التلفزيون ان معظم المتظاهرين يتألفون من الشبان الذين فقدوا الثقة بالاحزاب السياسية. وفي برازيليا تظاهر حوالى خمسة الاف شخص في حي الوزارات وهو رمز قوة البلاد، وصعد 200 منهم الى سطح البرلمان حيث غنوا النشيد الوطني قبل ان ينزلوا بشكل عفوي. وفي ساو باولو تظاهر حوالى 65 الف شخص بشكل سلمي على جادة باوليستا، ثم حاولت مجموعة اقتحام البرلمان المحلي قبل ايقافها من قبل الشرطة بالغاز المسيل للدموع. وتكررت مشاهد مماثلة في بورتو اليغري، كوريتيبا وبيلو هونريزونتي. وعلق وزير الرياضة الدو ريبيلو: "لن نسمح ان تعطل الاحتجاجات الاحداث التي التزمنا تنظيمها". وفي رغبة منها بالمهادنة، اعلنت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف الاثنين ان "المظاهرات السلمية" هي "مشروعة" وهي "جزء من الديموقراطية". واضافت "انها حق الشباب في التظاهر". ويتطور حجم المظاهرات في وقت تمر البرازيل في مرحلة نمو حرجة وتضخم في اسعار المواد الغذائية، وذلك بعد سنوات من التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتراجعت شعبية الحكومة 8 نقاط في حزيران/يونيو الحالي، لاول مرة منذ انتخاب روسيف عام 2011 والتي تبقى مرشحة قوية لنيل اكثرية الاصوات في نهاية 2014.