توعّد تنظيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" السبت 9يونية2012 بنقل المعركة من اليمن إلى واشنطنونيويورك، وأعلن عن تعليق تقرير مصير الدبلوماسي السعودي المختطف لديه، واصفاً وزير الدفاع اليمني اللواء محمد ناصر أحمد ب"القاتل والعميل للأميركيين"، والسفير الأميركي في صنعاء جيرالد فاير ستاين ب"الحاكم الفعلي لليمن". وقال المسؤول الإعلامي ل"قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" (أنصار الشريعة) حسّان أبو صالح ليونايتد برس إنترناشونال، إن "على الشعب الأميركي أن يدرك جيداً أن حكومته تخوض حرباً تخسر فيها أموالها التي تدفعها لعملاء كاذبين".
وأضاف أن "النتيجة هي أن أمن الشعب الأميركي في خطر، فعندما يُقتل أطفالنا ونساؤنا، فإن من حقنا المشروع أن ننقل المعركة إلى نيويوركوواشنطن وديتريوت.. هذا يجب أن يفهمه الشعب الأميركي".
ورداً على سؤال حول مشروعية إستهداف المدنيين، قال القيادي في تنظيم القاعدة "نحن نعم نستهدف ما يسمى بالمدنيين في نيويوركوواشنطن ما داموا يدفعون الضرائب لحكوماتهم التي تدعم دولة اليهود في فلسطين، وما داموا ينتخبون ويرشحون رؤساءهم الذين يقتلون نساءنا وأطفالنا في العراق وأفغانستان وباكستان واليمن".
واعتبر أن "هذا حق مشروع في الدفاع عن أمتنا وديننا، ورسالتنا مفهومة جداً عند الشعوب الغربية عموماً وعند الشعب الأميركي"، متسائلاً "إذا كان الشعب الأميركي لم يفهم منذ عقد من الزمن، وإذا لم تُسمِعه ضربات 11 أيلول/سبتمبر (إستهداف برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك في 11 أيلول/سبتمبر العام 2001) وطائرة عمر الفاروق والطرود المفخّخة فماذا عساه أن يسمع؟".
غير أن أبو صالح إستدرك قائلاً "أما إذا كنت تتحدث عن اليمن، فمن قال إننا نستهدف المدنيين؟ إلا إذا كان جنود الأمن المركزي، الذين يتدربون على يد الأميركان، مدنيين؛ يجب عليك إعادة النظر في طبيعة المعركة في اليمن".
يذكر أن ما اصطُلح على تسميته "هجمات 11 سبتمبر" هي أكثر الأعمال تدميراً في أميركا أسفرت عن مقتل نحو 3 آلاف شخص حين اصطدمت طائرتين ببرجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، وطائرة ثالثة بمنى وزارة الدفاع الأميركية، ورابعة كانت في طريقها لاستهداف المقر الرئيسي للحكومة الأميركية (الكابيتول) ولكنها تحطّمت في بنسلفانيا.
وأرسل الزعيم السابق لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن عدة رسائل بعد 11 أيلول/سبتمبر العام 2001، يشيد فيها بالهجمات ويشرح دوافعها، غير أنه نفى أي تورط بها.
ولفت القيادي في القاعدة حسّان أبو صالح الى أن "حرب أمّتنا المقدّسة ضد أميركا وعملائها بالتأكيد يجب أن تدفع فيها تضحيات وهذا هو ثمن النصر والظفر".
وقال رداً على سؤال حول تأثير الضربات الجوية الأميركية الأخيرة على قدرات تنظيم القاعدة في السيطرة على معاقله، إن "السؤال الذي يجب أن يطرح هو إلى أي حد تؤثر هذه الضربات الأميركية على أميركا نفسها؟"، وتابع "أستطيع أن أقول إن تأثيرها (تأثير الضربات على أميركا) يوازي عمليات 11أيلول/سبتمبر، ويوازي ما خسرته أميركا وتخسره في الحرب على العراق وأفغانستان".
وأضاف "نحن في اليمن نكسب الحرب، وتزداد شعبية جهادنا.. الأميركان أغبياء جداً عندما يظنون أننا نتأثر عندما نفقد مجاهداً أو مجاهدين في قصف أميركي"، وأشار الى أن "الأمر أهون من ذلك، يقتل مجاهد يأتي عوضاً عنه العشرات"، قائلاً "يبدو أن الأميركان لم يستفيدوا من تجاربهم في العراق وأفغانستان وباكستان".
ورداً على سؤال حول تصريحات سابقة للقاعدة تقول فيها إن الطيران الأميركي ليس الوحيد الذي يشن غارات على مواقعها، بل هناك مساندة من الطيران السعودي واليمني، قال أبو صالح "تُحاربنا أميركا ومَن معها من أحلاف، وتظن أننا لا نعلم ولا ندرك تفاصيل المعركة ولا طبيعتها".
وكشف عن قدرات التنظيم، قائلاً "نحن نتملك جهاز إستخباراتي وعسكري مرّغ أنف أميركا بفضل الله منذ عقد من الزمن.. يجب على العدو أن يركز جيداً عندما يحاول أن يوهم الرأي العام أنه يشن حرباً محلية بجيش وقدرات محلية على ما يجري في الواقع".
وتسببت الغارات الجوية الأميركية على مواقع القاعدة بمقتل قيادات من التنظيم بصواريخ تطلقها طائرات من دون طيّار. وأدّت آخر تلك الضربات يوم السبت الماضي إلى مقتل 11 قيادياً من القاعدة في محافظة مأرب شمال شرق اليمن.
وكان وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا أعلن نهاية الشهر الماضي أن بلاده تشن غارات بواسطة طائرات من دون طيّار على تنظيم القاعدة في اليمن وهي عازمة على متابعة هذه الغارات، واعتبر أنه لا توجد ضرورة لإرسال قوات إلى هذا البلد.
وحول تكرار الحديث في الإعلام عن هزائم متلاحقة تلقاها تنظيم القاعدة في الأيام الأخيرة في محافظة أبين وباقي المحافظات، قال المسؤول الإعلامي للقاعدة إن "الأمر خلاف ما يردده الإعلام المحلي والدولي.. هذه حقيقة ميدانية، وحقيقة أخرى أن الأميركان لا زالوا لم يستفيدوا من التجارب فيتلاعب بهم عملاءهم ويستنزفون المال الحرام مقابل دعايات فارغة بانتصارات كاذبة".
وعمّا إذا كان إعلان القاعدة أنها إذا انسحبت من محافظة أبين فستجعل كل الأراضي اليمنية مستهدفه، إعترافاً ضمنياً بأن القاعدة على وشك الإنسحاب من أبين، قال إن "الذي يفكر بهذه العقلية يبدو أنه لم يفهم ماهي القاعدة وكيف تعمل. والذي يقول هذا الكلام لم يستوعب السنوات الماضية من الحرب"، معتبراً أن "الحرب أكبر من جغرافيا أبين وأطول من الفترة التي يريد (الرئيس الأميركي باراك) أوباما أن يروج فيها للإنتخابات (الرئاسية الأميركية) المقبلة".
ويتركز وجود تنظيم القاعدة في محافظة أبين، وهو يتواجد في محافظات أخرى بنسبة أقل على غرار محافظات حضرموت ومأرب وشبوة والبيضاء، مع وجود خلايا نائمة له في العديد من المحافظات اليمنية بما فيها العاصمة صنعاء.
وحول ما تردد عن توعد أمير التنظيم جلال بلعيدي بنقل المعركة الى صنعاء، واعتبار هذه التهديدات مؤشراً حقيقياً على هزائم القاعدة المتكررة في جميع جبهات القتال، قال أبو صالح إن "نقل المعركة إلى صنعاء أو الرياض أو عدن هذا أمر سهل ومناورة طبيعية لمن يعرف كيف تدار الحروب".
وأشار الى أن "الذي يجب أن يتنبه له الأميركان ويدفعوا من أجله ملايين الدولارات، هو أمن أميركا الداخلي.. يجب عليهم أن يرصدوا حركة الطيران والشحن الجوي، وأن يشددوا الإجراءات على الأماكن العامة والقطارات وكل شيء، هذا ما يجب أن يصرف أوباما النظر إليه، بدلاً من أن يحاول أن يقنع الشعب الأميركي أنه يكسب معركة في أبين أو شبوة".
ورداً على سؤال عن سبب إستهداف القاعدة لوزير الدفاع الأميركي وعمّا إذا كان عداءً شخصياً، قال القيادي في القاعدة إن "العنصرية والعداء الشخصي اسألوا عنه السود في أميركا الذين مورست ضدهم أبشع صور العنصرية، والعداء الشخصي اسألوا عنه هيروشيما وناكازاكي وكيف أبيد الناس فيها، هذا هو الحقد العنصري الشخصي فعلاً".
وأضاف "أما وزير الدفاع اليمني فلماذا نعاديه بصفة شخصية؟ نحن أكبر من ذلك وعندنا معركة أكبر من شخصيته المهزوزة، بالنسبة لنا هو مجرّد عميل ومرتزق للأميركان يقتل أبناء شعبه، وبالمقابل لا بد أن ينال القتل.. أمر بديهي بسيط ".
ونجا وزير الدفاع اليمني اللواء محمد ناصر أحمد من محاولة إغتيال في 4 حزيران/يونيو الجاري بعملية إنتحارية إستهدفت موكبه في مديرية لودر في محافظة أبين جنوب اليمن.
ورداً على سؤال عن كيف يبرر تنظيم القاعدة قتل وجرح المئات من الجنود اليمنيين فيما يدعي أنه صاحب مشروع لنشر "الشريعة الإسلامية" خصوصاً وأن علماء الدين يعتبرون العمليات الإنتحارية محرّمة شرعاً، أجاب أبو صالح بحدّة متسائلاً "كيف يبرر السفير الأميركي في صنعاء لجنود الأمن المركزي جرائمهم التي لم تتوقف ضد الشعب في اليمن؟ أم أنه يستطيع أن يجد لهم المبرر لأن الأميركان هم من يدرّبهم ويمدّهم بالقنابل المسيلة للدموع؟".
وقال إن "رأي السفير الأميركي مهم هنا لأنه بات الحاكم الفعلي لليمن حتى وصل به الحال إلى التدخل في شؤون معاشات العسكر في قطاعات الجيش المختلفة".
يذكر أن تنظيم (أنصار الشريعة) أحد أذرع تنظيم القاعدة في اليمن، كان قد أعلن مسؤوليته عن هجوم إنتحاري في ميدان السبعين في العاصمة اليمنية صنعاء في 21 أيار/مايو الماضي أدى الى مقتل وجرح المئات من الجنود اليمنيين الذين كانوا يتدربون على عرض عسكري في ذكرى العيد الوطني الثاني والعشرين (ذكرى تحقيق الوحدة اليمنية).
من جهة أخرى، ورداً على سؤال عن إختطاف الدبلوماسي السعودي والمدرّسة السويسرية واتهامات للقاعدة بأنها مجموعة من قطّاع الطرق وليس أصحاب رسالة تتبع النبي محمد، تساءل أبو صالح "منذ متى ونحن نتعلم من الأميركين كيف نتبع رسالة نبينا محمد؟"، وقال "نحن ننصح الأميركان بأن يراجعوا حسابتهم وخططهم التي تهدف إلى إيقاف تمويل المجاهدين.. هذا مهم ليكسبوا الحرب".
وأضاف "ولكننا نبشّرهم أن عندنا وعد من الله في القرآن بالنسبة للمختطفين، فالقرار الذي سيُتخذ بحقهم سواء بالإفراج عنهم أو غيره، سينفذ في الوقت المناسب، وبالطريقة التي نريدها حسب ما نرى من مصلحة"، وتابع "يبدو أن هذا الموضوع لا يهم الأميركان فهؤلاء المختطفين رعايا دول أخرى".
وأعلن تنظيم القاعدة في منتصف شهر نيسان/أبريل الماضي، مسؤوليته عن إختطاف نائب القنصل السعودي في اليمن عبد الله بن محمد الخالدي في 28 آذار/ مارس في مدينة عدن، وطالب بالإفراج عن عدد من السجناء وتسليمهم إلى عناصر التنظيم في اليمن، مهدداً بذبح نائب القنصل المختطف.
وحول ما نشر عن أن رجل الدين عبد المجيد الزنداني عقد صفقة مع المخابرات الأميركية لتسليم عناصر وقياديي القاعدة، قال إن "أميركا الصليبية كذبت على الله وعلى خلقه، وليس من المستغرب أن يكذب إعلامها واستخباراتها على الشيخ الزنداني أو غيره، والشيخ الزنداني نفى هذا الكلام جملة وتفصيلاً".
وخلص المسؤول الإعلامي للقاعدة الى القول إن "المعركة متجذّرة ليس بين القاعدة وأميركا، المعركة هي بين شعوب مسلمة مقهورة وحكومات غربية دكتاتورية متجبّرة وعلى رأسها أميركا وستستمر ولن تتوقف، ويمكن أن تقوم بزيارة مثلاً إلى أفغانستان التي قالت أميركا أنها قضت على الإرهاب فيها لتأخذ صورة أقرب".
وأطلق الجيش اليمني في 12 أيار/مايو حملة عسكرية كبيرة ضد "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" في محافظة أبين جنوب البلاد، وذلك بعد أن سيطر التنظيم على 3 مدن رئيسية في المحافظة وأعلن عاصمتها زنجبار "إمارة إسلامية".
وأدّت المواجهات بين الجيش اليمني ومسلّحي القاعدة الى مقتل 423 شخصاً بينهم 315 مقاتلاً من القاعدة و68 عسكرياً، إضافة إلى 18 مدنياً و22 من المسلحين موالين للجيش اليمني.